نون بوست علي الكوري
ينكشف، من جديد، العجز الفاضح في المنظومة الصحية بمدينة كلميم، بعد حادث مؤلم تعرض له طفل داخل مؤسسة تعليمية، أصيب على إثره في إصبعه. ورغم نقله على وجه السرعة إلى المستشفى الجهوي، تفاجأت أسرته بجواب غير متوقع من الطاقم الطبي مفاده أن الجهاز المخصص لوضع الجبيرة غير متوفر، في مشهد يلخص انهيار أبسط مقومات الخدمة الصحية العمومية.
يضطر أفراد الأسرة، تحت وطأة القلق والخوف على فلذة كبدهم، إلى التوجه نحو مصحة “أكديطال”، ظنا منهم أنهم سيجدون العلاج المنشود، غير أن الصدمة كانت أكبر من التوقعات؛ إذ طلب منهم أداء مبلغ عشرة آلاف درهم مقابل علاج الكسر البسيط، وهو مبلغ يفوق قدراتهم، فوجدوا أنفسهم مضطرين للعودة بابنهم دون علاج، بين عجز المستشفى وجشع المصحة.
يعري هذا الحادث واقع المركز الاستشفائي الجهوي بكلميم، الذي تحول من فضاء للعلاج إلى عنوان للأعطاب المزمنة؛ نقص في المعدات، خصاص في الموارد البشرية، وغياب في التخصصات الأساسية، ما يجعل المواطن البسيط رهينة لقطاع خاص يفرض منطقه التجاري بلا رادع ولا رحمة، في تناقض صارخ مع الوعود الرسمية بإصلاح القطاع وتعميم التغطية الصحية.
يكشف هذا المشهد المؤلم عن مفارقة صارخة بين الخطاب والممارسة، وبين الشعارات والواقع. فبينما ترفع رايات “الإصلاح” و“جودة الخدمات”، يبقى الطفل دون جبيرة، والأسرة دون حول، والمستشفى دون تجهيز، والمصحة فوق الجميع، تتحكم في الألم وتحدد سعر العلاج كما تشاء. إنها صورة مصغرة عن أزمة عميقة تستحق وقفة وطنية جادة، قبل أن يتحول الطب في كلميم من مهنة إنسانية إلى تجارة بلا ضمير.