المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي يقدم رأيه حول مشروع قانون إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة: نحو توازن جديد بين حرية المهنة وحكامة التنظيم الذاتي

13 أكتوبر 2025
المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي يقدم رأيه حول مشروع قانون إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة: نحو توازن جديد بين حرية المهنة وحكامة التنظيم الذاتي

 

أصدر المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي رأيا مفصلا  حول مشروع القانون رقم 026.25، الذي يهدف إلى إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة، وذلك استجابة لإحالة من رئيس مجلس النواب بتاريخ 16 يوليوز 2025.  وجاء هذا الرأي بعد دراسة معمقة اعتمدت مقاربة تشاركية موسعة، استندت إلى جلسات استماع شملت مختلف الفاعلين في قطاع الصحافة والنشر، من مهنيين وخبراء ومؤسسات وهيئات مهنية ومجتمع مدني.

أكد المجلس أن التنظيم الذاتي للصحافة يعد مكسبا ديمقراطيا كبيرا، أقرّه دستور 2011 حين نص على حرية الصحافة ومنع أي رقابة قبلية، مع تحديد دور السلطات العمومية في تشجيع الفاعلين على تنظيم شؤونهم بشكل مستقل وديمقراطي. وأوضح الرأي أن تجربة المجلس الوطني للصحافة في ولايتها الأولى مثّلت خطوة مهمة نحو ترسيخ ثقافة المسؤولية المهنية والتوازن بين حرية التعبير واحترام أخلاقيات المهنة، رغم ما شاب التجربة من صعوبات تنظيمية.

 بعد انتهاء الولاية الانتدابية الأولى للمجلس دون التمكن من إجراء انتخابات جديدة، لجأت الحكومة إلى إحداث لجنة مؤقتة لتسيير شؤون قطاع الصحافة والنشر، كحل مؤقت لتجاوز الفراغ التنظيمي، تمهيدا لصياغة إطار قانوني جديد.  مشروع القانون الجديد، بحسب المجلس، جاء لسد ثغرات قانون 90.13، خاصة في ما يتعلق بغياب جهة واضحة تدعو إلى الانتخابات، لكنه تضمن تعديلات جوهرية أثارت نقاشا حول مدى انسجامها مع فلسفة التنظيم الذاتي.

لاحظ المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أن إعداد المشروع لم يتم عبر تشاور واسع مع الفاعلين المهنيين، ما أثار تحفظات لدى النقابات والهيئات الصحفية التي طالبت بإشراكها الحقيقي في صياغة أي إصلاحات تمس القطاع.   وأشار المجلس إلى أن المشروع يثير ملاحظات شكلية عديدة، من بينها ضعف مقروئية العنوان، وتخصيص حيز واسع للمقتضيات الانتخابية والعقوبات، مقابل إغفال بعض الاختصاصات الجوهرية كالتكوين المستمر وتأهيل المقاولات الإعلامية.

 كما سجل الرأي غياب تعريف واضح لبعض المفاهيم الأساسية مثل “الصحافي المهني” و“المنظمة النقابية للصحافيين”، رغم أهميتهما في تركيبة المجلس ومنظومة المهنة ككل.  ولفت التقرير إلى أن المشروع لم يحدد بوضوح الوضع القانوني للمجلس، وما إذا كان من أشخاص القانون العام، مما يثير لبسا حول طبيعته القانونية وصلاحياته الإدارية والتنظيمية.

ومن أبرز الملاحظات، تقليص عدد أعضاء المجلس من 21 إلى 19 عضوا، مع حذف تمثيلية هيئات المجتمع كالمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية واتحاد كتاب المغرب، وهو ما اعتبر تراجعا عن إشراك “الجمهور” في الحكامة الإعلامية. ودعا المجلس إلى الحفاظ على تمثيلية الجمهور باعتبارها ركنا أساسيا في تجارب التنظيم الذاتي المقارنة، حيث تسهم في مراقبة الأداء المهني ومكافحة الأخبار الزائفة والدفاع عن حق المواطن في المعلومة.

 كما أبدى المجلس تخوفه من اختلال التوازن العددي بين ممثلي الناشرين والصحافيين، بعد منح فئة الناشرين تمثيلية أكبر، مما قد يؤثر على استقلالية قرارات المجلس ونزاهتها.  وانتقد الرأي اعتماد نظام الانتداب بالنسبة لممثلي الناشرين عوض الانتخاب، معتبراً أنه يضعف الشرعية الديمقراطية داخل المجلس، ويفتح الباب أمام هيمنة تنظيم واحد على حساب باقي المكونات.

 ورغم هذه الملاحظات، نوه المجلس ببعض المستجدات الإيجابية، مثل تقليص سنوات الأقدمية المطلوبة للترشح، واعتماد مبدأ تمثيل ثلاث صحافيات على الأقل، في خطوة تعزز مقاربة النوع داخل القطاع.  وفي ختام رأيه، شدد المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي على أن إصلاح المجلس الوطني للصحافة يجب أن يوازن بين ضمان استقلالية المهنة وترسيخ الديمقراطية الداخلية، داعيا إلى حوار وطني واسع لصياغة قانون يكرس الحرية والمسؤولية ويعزز ثقة المجتمع في الصحافة المغربية.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة