نون بوست علي الكوري
أثار إعلان شركة العمران للجنوب عن صفقة جديدة تتعلق بأشغال إعادة تأهيل واجهات الشوارع والمحاور الرئيسية بمدينة كلميم، جدلا واسعا في الأوساط المحلية، بعدما خصص لها مبلغ ضخم يناهز 17 مليون و933 ألف درهم (ما يقارب ملياري سنتيم)، ما اعتبره العديد من المتتبعين دليلا على سوء ترتيب الأولويات في ظل الوضع الاجتماعي والخدماتي الذي تعيشه المدينة.
الصفقة، التي تم الإعلان عنها تحت رقم 43/2025، تهم “إعادة التأهيل الجمالي” لواجهات الشوارع، وهي خطوة اعتبرها البعض مشروعة من الناحية الحضرية، لكنها “غير منطقية” في توقيتها، خصوصا مع تزايد مطالب الساكنة بتحسين البنيات التحتية والخدمات الصحية والتعليمية المتدهورة.
في هذا السياق، عبر براهيم حنانة، عضو مجلس جهة كلميم وادنون، عن استغرابه من تخصيص ميزانية ضخمة لما سماه “صباغة الحيطان”، في وقت تعاني فيه المدينة من أعطاب مزمنة في المرافق الأساسية، قائلا بلهجة حادة: “هنيئا لساكنة كلميم بصباغة الجدران.. إنه العبث يا سادة!”.
وأضاف حنانة أن مستشفى كلميم يتوفر على جهاز سكانير معطل منذ أكثر من ثلاثة أشهر دون تدخل أو توفير ميزانية لإصلاحه، متسائلا كيف يمكن للجهات المعنية أن تغض الطرف عن حاجة المواطنين للعلاج وتوجه الأموال نحو صباغة الجدران فقط لتزيين الواجهة.
وتفاعل رواد مواقع التواصل الاجتماعي مع تصريح المسؤول الجهوي، حيث عبر عدد منهم عن غضبهم من الطريقة التي تدبّر بها الأولويات، معتبرين أن “الزخرفة لا تخفي الأعطاب العميقة التي تعرفها المدينة في قطاعات الصحة، النظافة، والطرق”.
في المقابل، يرى بعض المتتبعين أن مشاريع تأهيل الواجهات قد تكون جزءا من برنامج أوسع لتحسين جمالية المدينة وجذب الاستثمارات، لكنهم شددوا على ضرورة أن تتم الموازنة بين مشاريع التجميل ومشاريع المعيش اليومي التي تلامس احتياجات المواطن مباشرة.
ويأتي هذا الجدل في وقت تعرف فيه كلميم وضعا اجتماعيا متوترا، مع تنامي شكايات المواطنين من غياب الخدمات الصحية وتردي البنية التحتية بعدد من الأحياء، ما يجعل أي إنفاق على مشاريع تجميلية يبدو استفزازيا في نظر فئات واسعة من الساكنة.
وبين من يرى في الصفقة “مشروعا حضريا عاديا ” ومن يعتبرها “رمزا لسوء التدبير”، تبقى كلميم في حاجة إلى رؤية تنموية مندمجة، تعيد التوازن بين جمالية المدينة وكرامة المواطن، فـ”الطلاء لا يغطي التشققات العميقة”، كما علق أحد النشطاء بسخرية.