حوار مباركة بوعيدة مع “گود”.. بين تبرير الإخفاقات وتجميل الصورة السياسية

27 أكتوبر 2025
حوار مباركة بوعيدة مع “گود”.. بين تبرير الإخفاقات وتجميل الصورة السياسية

نون بوست                      علي الكوري   

قدّمت مباركة بوعيدة نفسها في حوارها مع موقع كود كقائدة متزنة تقود جهة كلميم وادنون بثقة وهدوء، لكنها لم تخف من خلال لغتها وتبريراتها حالة الدفاع المستمرة عن الذات، وكأنها تخوض معركة لتبرئة حصيلتها أكثر من تقديم كشف حساب سياسي صريح.

افتتحت بوعيدة حديثها بالحديث عن “الاستقرار المؤسساتي” و”التوافق الجماعي”، لكنها تجاهلت حقيقة أن هذا الاستقرار هش ومبني على توازنات دقيقة لا على مشروع جهوي متين. ركزت على الصورة أكثر من المضمون، وعلى الخطاب أكثر من الفعل، في وقت ينتظر فيه سكان الجهة نتائج ملموسة لا وعودا متكررة.

أصرت بوعيدة على تكرار مفردات مثل “التشارك” و”الإنصات” و”العمل الميداني”، لكنها تجنبت الإجابة بوضوح عن أسئلة التنمية المعلقة: أين وصلت المشاريع الكبرى؟ لماذا تعثرت اتفاقيات الشراكة؟ وأين تذهب الاعتمادات المالية الضخمة التي تعلن في كل دورة من دورات المجلس؟

تبنت بوعيدة نغمة تصالحية مع الجميع، لكنها غضت الطرف عن واقع التباين السياسي داخل المجلس وعن الخلافات التي ترافق تنزيل عدد من البرامج الجهوية. بدت وكأنها تكتب بلاغا رسميا أكثر من خوضها حوارا صحفيا يتطلب الصراحة والمكاشفة.

اختارت بوعيدة الدفاع عن حصيلتها بدل تقييمها، فبدت وكأنها تبرر الإخفاقات بمصطلحات عامة عن “تعقيدات التدبير الجهوي” و”الزمن الإداري الطويل”. غير أن الرأي العام المحلي صار أكثر وعيا بهذه اللغة الملتوية التي تغطي العجز بعبارات منمّقة.

تحدثت بوعيدة عن دعمها للمشاريع الاجتماعية والتربوية، لكنها أغفلت الإشارة إلى تفاوتات المجال الترابي بالجهة، وإلى استمرار معاناة مناطق قروية مع ضعف البنية التحتية والخدمات الأساسية. فكيف يمكن الحديث عن “نموذج تنموي جهوي” بينما التنمية مازالت حبيسة المكاتب؟

حاولت بوعيدة أن تظهر نفسها كفاعلة تجمع بين الخبرة السياسية والدبلوماسية والرؤية التنموية، لكنها لم تقنع الرأي العام بأن الجهة تسير فعلا في مسار تنموي مندمج. الخطاب ظل إنشائيا، مليئا بالشعارات، خاليا من الأرقام والمعطيات الدقيقة.

تجنبت بوعيدة الخوض في مسؤولياتها السياسية داخل المشهد الجهوي، مفضلة أن تحمل بعض العراقيل إلى طبيعة الاختصاصات أو بطء المساطر، وكأنها تبرئ نفسها من نتائج التسيير الذي تقوده منذ سنوات.

أرادت بوعيدة من هذا الحوار أن ترمم صورتها أمام الرأي العام بعد فترة من الانتقادات المتواصلة، لكنها أخفقت في تقديم جديد يعيد الثقة في القيادة الجهوية. فالخطاب نفسه، واللغة ذاتها، والوعود القديمة تعاد في قالب إعلامي جديد.

أنهت بوعيدة الحوار بنبرة تفاؤل، مؤكدة أن “الجهة تسير في الطريق الصحيح”، لكن الواقع يقول غير ذلك. فالمشاريع المهيكلة ما زالت متعثرة، والساكنة ما زالت تنتظر تحسنا ملموسا في الخدمات والبنيات، بينما يتعمق الشعور بأن الزمن السياسي يضيع في التصريحات بدل الإنجاز.

ختاما ،  يكشف الحوار أن مباركة بوعيدة لا تزال تمارس السياسة بنفس الأدوات القديمة: الخطاب الهادئ، اللغة الدبلوماسية، وتجنب الاصطدام. غير أن هذا النهج لم يعد يقنع الشارع الودنوني، الذي يطالب اليوم بوضوح وجرأة، لا بطمأنة شكلية. فالجهة تحتاج فاعلين ينصتون أكثر مما يبررون، ويعملون أكثر مما يتكلمون.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة