نون بوست علي الكوري
شهدت جماعة تغجيجت بإقليم كلميم خلال الأيام الأخيرة استنفارا واسعا عقب تداول صور ومعلومات حول عملية تخريب طالت أحد المواقع الأثرية بواحة تينزرت، التي تحتضن نقوشا صخرية تعود لآلاف السنين. هذه النقوش النادرة، التي تعد شاهدا على عمق الحضارة المغربية، تعرضت لمحاولة اقتلاع للأحجار والألواح الصخرية، ما أثار موجة استياء واسعة في الأوساط المحلية والثقافية.
وفور انتشار الخبر، انتقلت المستشارة الجماعية سعدية الوحداني، عن حزب الحركة الشعبية وممثلة تينزرت بالمجلس الجماعي لتغجيجت، إلى عين المكان للوقوف على حقيقة ما جرى. وأكدت في تدوينة نشرتها على صفحتها أن السلطات المحلية والإقليمية والجهوية، وفي مقدمتها والي جهة كلميم وادنون، تدخلت بشكل فوري لوقف الأشغال التخريبية، موجهة شكرها الجزيل لكل من ساهم في حماية الموقع وإنقاذه من العبث.
كما نوهت الوحداني بجهود البرلماني محمد صباري، الذي تفاعل بسرعة مع الواقعة، ووجه سؤالا كتابيا إلى وزير الشباب والثقافة والتواصل تحت إشراف رئيس مجلس النواب، حول “الإجراءات المتخذة لحماية النقوش الصخرية والمواقع الأثرية بجماعة تغجيجت بإقليم كلميم”.
وجاء في السؤال الكتابي الذي تقدّم به صباري أن جماعة تغجيجت تزخر بمواقع أثرية فريدة، من بينها جبل بودايو ومناطق تينزرت وحوض أيت حربيل، التي تضم نقوشا صخرية مصنفة ضمن التراث الوطني لما تحمله من قيمة علمية وإنسانية كبيرة. وأوضح أن هذه المواقع تشهد في الآونة الأخيرة عمليات تخريب ونهب منظمة عبر فتح مقالع غير مرخصة واقتلاع للأحجار والنقوش بحثا عن الربح المادي، في غياب التنسيق بين الجهات المكلفة بحماية التراث.
وطالب النائب البرلماني وزير الثقافة بتوضيح الإجراءات الاستعجالية المزمع اتخاذها، بتنسيق مع باقي القطاعات المعنية، من أجل وقف هذه الاعتداءات غير القانونية وضمان حماية المواقع الأثرية بجماعة تغجيجت من الاندثار، مذكرًا بأن استمرار هذه الممارسات يُنذر بخطر داهم على الموروث التاريخي الوطني ويهدد بإزالة شواهد أركيولوجية فريدة من الخريطة التراثية للمغرب.
وفي السياق ذاته، أشادت فعاليات مدنية وإعلامية بالتحرك السريع من طرف السلطات والمنتخبين والبرلمانيين، معتبرة أن هذه الواقعة كشفت حجم الهشاشة التي يعيشها التراث الأثري بالمنطقة، مطالبة بإدراج مواقع النقوش الصخرية ضمن لائحة المواقع ذات الأولوية في برامج الحماية والمراقبة. كما دعت إلى إشراك المجتمع المحلي في جهود التوعية والتصدي لأي أعمال قد تمس الموروث التاريخي والبيئي للجهة.
ويُجمع المهتمون على أن حادثة تينزرت تمثل جرس إنذار حقيقيًا بشأن التحديات التي تواجه حماية التراث الثقافي في جهة كلميم وادنون، التي تحتضن عددا كبيرا من المواقع الأثرية الفريدة في جنوب المغرب. كما تؤكد الحاجة إلى مقاربة مندمجة تجمع بين الردع القانوني، والمراقبة الميدانية، وتثمين التراث في بعده السياحي والثقافي، باعتباره رافعة للتنمية ومصدر فخر لهوية وادنون التاريخية.


















