موقع للتراث الصخري بتغجيجت.. سليم لكنه مهدد، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان يدعو إلى حماية الذاكرة الحجرية لكلميم

26 أكتوبر 2025
موقع للتراث الصخري بتغجيجت.. سليم لكنه مهدد، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان يدعو إلى حماية الذاكرة الحجرية لكلميم

نون بوست                                          علي الكوري 

يدعو المجلس الوطني لحقوق الإنسان إلى تعزيز حماية مواقع النقوش الصخرية بجهة كلميم وادنون، باعتبارها جزءا لا يتجزأ من التراث الوطني، ومكونا أساسيا من مكونات الذاكرة الجماعية والحضارة المغربية. ويؤكد المجلس أن هذه المواقع، رغم سلامتها الظاهرية، تظل مهددة بالعوامل الطبيعية والأنشطة البشرية القريبة، مما يفرض يقظة دائمة ومسؤولية مشتركة بين مختلف الفاعلين المؤسساتيين والمدنيين.

ويأتي هذا النداء عقب الزيارة الميدانية التي قامت بها اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بجهة كلميم وادنون، يوم الجمعة 24 أكتوبر الجاري، إلى موقع جبل بواديو بجماعة تغجيجت، بإقليم كلميم، إثر ما تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي وبعض المنابر الإعلامية بشأن تعرض الموقع الأثري لتخريب محتمل. وقد انتقل فريق من اللجنة، بتوجيه من رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان السيدة آمنة بوعياش، للتحقق من المعطيات والوقوف على الحالة الفعلية للموقع.

وتبين للجنة، بعد إجراء التحريات الميدانية والمعاينة الدقيقة، أن الموقع سليم ولم يتعرض لأي تخريب مباشر، غير أنها لاحظت آثار اقتلاع لبعض الصخور على أطراف الجبل القريب من النقوش الصخرية، ما قد يشكل خطرا مستقبليا على سلامة هذا الإرث التاريخي الفريد. وقد اعتبرت اللجنة أن هذا الوضع يستوجب تدخلا استباقيا من المصالح المعنية لحماية الموقع وتأمين محيطه من أي أنشطة غير مراقبة.

وتفاعلا مع ما رصدته اللجنة، قامت الجهة بإشعار السلطات المحلية والمنتخبة والمديرية الجهوية للثقافة، من أجل التنسيق لتفعيل آليات حماية الموقع وضمان عدم المساس به، فضلا عن التواصل مع فعاليات المجتمع المدني المهتمة بالمجال التراثي من أجل إشراكها في جهود التحسيس والمراقبة الميدانية.

ويؤكد المجلس الوطني لحقوق الإنسان، في هذا السياق، أن حماية التراث الصخري بالمغرب ليست مسؤولية قطاع واحد، بل واجب وطني جماعي يتقاطع فيه دور الدولة والهيئات المنتخبة والمجتمع المدني والساكنة المحلية. كما يشدد على أن هذه المواقع لا تمثل مجرد نقوش حجرية جامدة، بل شواهد حيّة على عمق التاريخ المغربي وتنوع روافده الثقافية والحضارية.

وينوه المجلس بتنامي الوعي لدى الفاعلين المحليين والباحثين والمهتمين بأهمية صيانة هذا التراث، معتبرا أن التعبئة المجتمعية هي الضمانة الحقيقية لحمايته من الاندثار أو الاستغلال العشوائي. كما دعا إلى تنظيم حملات توعوية دورية، وإدماج التربية على التراث في المناهج التعليمية لترسيخ قيم الاعتزاز بالموروث الثقافي الوطني.

وفي السياق نفسه، شدد المجلس على ضرورة تحديث آليات المراقبة والتوثيق لمواقع النقوش الصخرية، ووضع خرائط رقمية دقيقة لها لتسهيل حمايتها وتثمينها في إطار مشاريع التنمية المجالية المستدامة. كما دعا إلى تفعيل شراكات مؤسساتية بين قطاع الثقافة والجماعات الترابية والباحثين الأكاديميين لتطوير مقاربة متكاملة لصيانة هذا التراث.

ويختم المجلس الوطني لحقوق الإنسان تأكيده بأن الحفاظ على النقوش الصخرية المنتشرة بكلميم وادنون، وبربوع المملكة عامة، هو حفاظ على الذاكرة الإنسانية للمغرب، وأن أي إهمال أو تخريب يطالها يعد مساسا بتاريخ الأمة وهويتها الحضارية المتجذرة.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة