
محمد انفلوس
في كتابه الممتع يحكي “دان ميلر” عن الفتاة “دجيه ماريرى” من زيمبابوي التي تحكي عن ليلة زفافها . كانت في غرفة ابيها وهي في قمة التوتر والقلق ،تقيس فستان زفافها للمرة عشرين .تشاهده على جسمها الرقيق الشاب فى المرآة بإهتمام وشغف..
فجأة دخلت حماتها الغرفة بدون إستئذان !.. “دجيه” فزعت.. زيارة غريبة وغير متوقعة.. حماتها تجاوزت الستين .. تستند على عكاز خشبي قديم وخصلات شعرها، بلونها الرمادى الأشيب، ملمومة تحت قماش خفيف.. “دجيه” نظرت حواليها تبحث عن أختها التي كانت واقفة معها قبل قليل لكن كالعادة إختفت ولم تجدها مثل كل مرة عندما تحتاجها.. لقد كانت في ورطة حقيقية!.. “دجيه” رسمت على وجهها إبتسامة روتينية وإضطرت ان تستقبل حماتها على مضض .قالت في نفسها ربما هي قادمة لتمنحها بعض النصائح عن الزواج فلتسمع كلماتها وأمرها الى الله .
دخلت حماتها .. أقفلت وراءها الباب..و بدون مقدمات وبمنتهى الهدوء بدأت تخلع ملابسها !.. “دجيه” إستغربت وتساءلت في قرارة نفسها ماذا تفعل هذه المرأة المجنونة ؟
ومن كثرة الخجل أدارت وجهها بعيدا حتى لا تشاهدها وهي تتعرى… الموقف كله كان مُربكا وغير طبيعى.. المرأة العجوز واقفة تخلع ملابسها قطعة قطعة ، بمنتهى البساطة، و بدون خجل . و”دجيه” واقفة في دهشة ،تحاول ان تبعد عينيها.. فجأة وبدون قصد ، وقع بصر “دجيه” على ثديي حماتها.. بسبب السن تقول إنهما كانا مجعدين وذابلين وبدون أى ملامح أنوثة مثل ثمرتي برقوق أسود ثم نسيانهما على الشجر! وبكل وقاحة اقتربت منها العجوز وأمسكت بـيدها التي برزت عروقها الزرقاء على كف ” دجيه ” وحطته على وجههاالممتلئ تجاعيدا وبدأت تمرره على تجاعيد وجهها على مهل !.. عندما وضعت كف البنت فوق أول تجعيدة ؛ قالت لها العجوز: ( هذه التجعيدة من جراء الدموع التى سكبتها عند الولادة، الولادة مؤلمة مثل البرق الذى يقسم الشجر ، كنت أريد أن أغنى وأصرخ فى وقت واحد ).. حركت اصابع البنت مرة اخرى ،الى ان جاءت فوق تجعيدة ثانية على وجهها و قالت لها: ( هذه التجعيدة تشكلت بسبب ضحكى الهستيرى بعد كل نجاح يحققه أحد أبنائى ).. حركت اصابع البنت الى ان جاءت فوق ثالث تجعيدة وقالت: ( وهذه التجعيدة هناك أأأأأوه لا تضغطى عليها بقوة إنها لا زالت تؤلمنى؛ إنها بسبب ضربة قوية تلقيتها وأنا أدافع عن إبنى الأكبر من بطش أحد اللصوص ).. وهكذا دواليك الى ان حكت لها قصة كل تجعيدة على وجهها.. بعدها أشارت الى صدرها وقالت لـ “دجيه ” : ( من هذين الثديين الذابلتين أستمد أولادى قوتهم ، لقد أرضعت ستة أطفال أصبحوا فيما بعد رجالاً أشداء ).. بعدها أشارت الى رجليها الرفيعين ثم الى شعرها الأشيب و فـي كل مرة كانت تحكى قصة عن تفاصيل جسمها .. بعدها أشارت الى نفسها وقالت: ( جمالى يكمن هنا .. فى تجاعيدى وثدييى الذابلتين.. هنا علامات الولادة وهنا علامات الحياة.. تجعايدى هى خريطة أحزاني وأفراحي.. لا يوجد إنسان قبيح.. عيشي شبابك بمنتهى الإستمتاع حتى النهاية ولا تخجلي من تجاعيدك أبداً فلكل مرحلة جمالها.. أقول لك تلك الكلمات التى سبق وقالتها لى والدة زوجي منذ سنوات طويلة فى ليلة عرسى حتى تبقى الحكمة باقية مع كل نبتة جديدة وحتى تبقى جذورنا راسخة و الأرض بدون أن تموت.. عمتِ مساءً يا عزيزتى، سوف تسعدين إبنى أعلم ذلك وسوف تكونين محط فخر لنا جميعًا ).. المرأة العجوز قالت كل الكلام الذي مضى وبدأت تلبس ملابسها ببطء ثم اتكأت على عكازها وخرجت بخطوات بطيئة وهى تدب على الأرض.. بينما وقفت “دجيه” مصدومة تسمع كل حرف وهى تنتفض مثل فأر مرتبك وقلبها يرتعش.. رسالة حماتها وصلت لها وفهمت المعنى وختمت قصتها المكتوبة فى الكتاب بـ جملة تلخص الدرس الذي تعلمته : ( غلاف ثمرة جوز الهند الصلب الجعد هو الذى يحمى العصير بداخلها).
الكتاب بعنوان(living ,laughing and loving life)