دعم ثقافي مثير للجدل بجهة كلميم وادنون يفتح باب الانتقاد والمساءلة

6 أغسطس 2025
دعم ثقافي مثير للجدل بجهة كلميم وادنون يفتح باب الانتقاد والمساءلة

نون بوست                                    علي الكوري 

أثارت عملية توزيع الدعم العمومي للمشاريع الثقافية بجهة كلميم وادنون لسنة 2025، والمنظمة بشراكة مع وزارة الشباب والثقافة والتواصل، موجة من الانتقادات اللاذعة من قبل عدد من جمعيات المجتمع المدني التي رأت في العملية “تفريغا للمضمون التنموي للثقافة وتحويلا لها إلى أداة للولاء السياسي”. وقد عبّرت هذه الجمعيات في بيان استنكاري شديد اللهجة عن رفضها لما اعتبرته “خروقات صارخة” مست مصالح العدالة الثقافية وتكافؤ الفرص.

وجاء في نص البيان أن دفتر التحملات تم تفصيله بشكل انتقائي يخالف جوهر القانون 55.19 المتعلق بتبسيط المساطر الإدارية، إذ تضمن شروطًا معقدة وغير شفافة، تفصل على مقاس جمعيات بعينها محسوبة على فاعلين سياسيين معروفين، مما يحول الدعم الثقافي من أداة للتمكين المجتمعي إلى وسيلة لتعزيز شبكات الزبونية والولاءات الانتخابية الضيقة.

كما سجل البيان ما وصفه بـ”المغالطات القانونية الفجة”، لا سيما في تحديد آجال إيداع الطلبات، حيث تم اعتماد توقيت إداري (الرابعة والنصف مساء) كموعد نهائي للإيداع عبر منصة رقمية غير رسمية، في خرق سافر للقوانين المؤطرة للصفقات العمومية وطلبات العروض، مما طرح علامات استفهام كبرى حول شرعية المسطرة برمتها ومصداقيتها.

وفي قراءة أعمق للبيان، يتضح أن الفاعلين الجمعويين لم يقتصروا على التنديد، بل استحضروا توجيهات ملكية صريحة، من بينها الخطاب الملكي سنة 2017 الذي انتقد ضعف الإدارة العمومية وسوء الحكامة، مع التأكيد على أن ما حدث في كلميم هو تجسيد حيّ لهذه الإخفاقات، خاصة مع استمرار بعض المسؤولين في إقصاء المبادرات الجادة وتعطيل الإمكانات الثقافية الفعلية للمنطقة.

ولم تغفل الجمعيات عن ربط ما يجري بسياق أوسع من “التمييز والزبونية” داخل المجالس المنتخبة وبعض المصالح الإدارية، مطالبة بفتح تحقيق رسمي حول طريقة تدبير الدعم، ونشر لوائح الجمعيات المستفيدة ومعايير الانتقاء، بشكل يضمن المساواة ويعزز الثقة في المؤسسات العمومية والمالية الجهوية.

كما دعت هذه الهيئات المدنية إلى إعادة صياغة دفتر التحملات بشكل تشاركي يأخذ بعين الاعتبار تنوع الحاجيات الثقافية والتراكمات الجمعوية، بعيدا عن منطق الإقصاء، مع التركيز على المشاريع الجادة والأثر التنموي الفعلي لها في الميدان، عوض مقاربات سطحية ومناسباتية هدفها تجييش الانتخابات وليس تثمين الثقافة.

وأبدت الجمعيات الموقعة استعدادها لخوض كل المساطر القانونية من أجل الوقوف ضد ما سمته “الإقصاء الممنهج”، مؤكدة أنها ستتوجه للسلطات الوطنية والجهوية قصد التدخل العاجل لإنصافها وضمان التوزيع العادل والمنصف للدعم، مع تحميل المسؤولية لكل من ساهم في تكريس هذا الوضع.

واختتم البيان بالتشديد على أن المجتمع المدني ليس خصما ولا تابعًا، بل شريك أساسي في البناء الديمقراطي والتنموي، محذرا من مغبة الاستمرار في إضعافه وتهميشه. كما دعا إلى تنزيل فعلي للديمقراطية التشاركية التي أكد عليها جلالة الملك في خطاب عيد العرش لسنة 2007، باعتبارها امتدادا حقيقيا للديمقراطية النيابية التقليدية.

 

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة