تحقيق من إنجاز: فريق الصحفيين الشباب من أجل البيئة، الثانوية التأهيلية مولاي عبدالله بسيدي إفني.
لندن المغرب .. طنجة الجنوب .. سانتا كروز البحر الصغير كلها مسميات تشير لنفس المكان ..سيدي إفني و التي تقع جنوب المغرب، يحدها شمالا إقليم تزنيت، جنوبا إقليم كلميم، شرقا إقليم طاطا، و غربا المحيط الاطلنتي .. وينسب اسمها لضريحٍ فيها يعود لأحد الأولياء، وهو سيدي علي إفني. إلى جانب مؤهلاتها السياحية وثرواتها البحرية مناخ سيدي افني المعتدل يجعلها رائدة في أشكال زراعية تخص في المقام الأول زراعة الأركان و الصبار ..
الزراعة المستدامة
بادرت منطقة سيدي افني في السنوات الفارطة الى الاهتمامبالزراعة المستدامة والتي تستهدف بالخصوص زراعة الصبار والاركان،هذه الزراعة تدخل في اطار مقاربة تنموية وبيئية مجالية تاخذ بعين الاعتبار ترشيد استغلال المياه واستعمال الطاقة المتجددة، وتعتمد كذلك على تثمين وسائل الانتاج البديلة والحفاظ على التراث البيئي، كما تساهم في التكيف مع التغيرات المناخية اضافة الى انها تحمل في طياتها حلولا لتحقيق اهداف التنمية المستدامة السبعة عشر في افق 2030.
الصبار والأركان شكلان من أشكال الزراعة المستدامة في سيدي إفني
ينتمي نبات الصبار الى الفصيلة الصبارية معظم أنواعه يعيش فى الظروف والبيئات الصحراوية .وينتج بعض نباته ثمارا مثل التين الشوكي والبعض الآخر من نبات الصبار تنمو له أزهار. يمتاز هذا النبات بالقدرة على تحمل المناخ الصحراوي، فهو يستطيع البقاء حيا لسنوات طويلة بدون ماء وذلك لأنه لا يمتلك أوراق مثل باقى النباتات أو أن أوراقه ضامرة تقلل من نسبة تبخر المياه، كما أن جذوعه تعمل كخزان للمياه فتتضخم فى حالة وفرة المياه لتستطيع تخزينها، وتنكمش تلك الجذوع فى حالة نقص المياه.
أما الأركان، الأرغان، او الارقان هي شجرة فريدة من نوعها صامدة كالصخرة تارة تجدها محمَّلة بالرُطَب المنصف نصف أصفر، فاقع يلهثكالجمر, ونصف أخضر، رمز للسلام وتارة تجد لونها بني يعطي الانطباع بالقوة. فهي شجرة نادرة للغاية تنمو فقط في الجنوب المغربي خاصة في سوس ما بين الصويرة وتافراوت، وفي هذا الإطار نجد مدينة سيدي افني كمنطقة مشهورة بالصبار حيث تتوفر على 50 ألف هكتار من المساحات المزروعة بهذه النبتة 80 منها بمنطقتي أسبويا ومستي كما تنتج أزيد من 250 ألف طن سنويا من فاكهة الصبار، 60 منها موجه للتسويق الخارجي، و4 للاستهلاك المحلي.
وعند انجازنا لهذا التقرير الصحفي قمنا بزيارة لمستخدم بتعاونية للصبار والأركان بسيدي افني، والذي أكد على فوائدهما وأهميتهما في المنطقة حيث أحصى لنا مجموعة من المنتجات المستخرجة من الصبار وعلى رأسها زيوت التجميل، ودقيق الصبار كعلاج للكولسترول، وأزهار الصبار المجففة كدواء لآلام الأمعاء، ثم مربى الصبار. أما الأركان فيسخرج منه زيت يتميز بفوائد صحية كبيرة، بالإضافة إلى الاستعمالات العديدة في التجميل، والذي يتميز بقدرته الكبيرة على خفض الكوليسترول في الجسم، وتسهيل الهضم وخفض الضغط وتسهيل مرور الدم عبر الأوعية، كما يساعد الأطفال على النمو ويزود أجسادهم بالطاقة، إضافة الى أنه غني بمركبات تعالج الإصابات والتقرحات الجلدية والحروق الناتجة عن التعرض للشمس، كما يحد من شيخوخة الخلايا الجلدية، ويضفي نضارة على البشرة. إضافة الى مساهمته في منع انجراف التربة والتصحر. فضلا عن أهميته الاقتصادية باعتباره مصدر عيش العديد من سكان المنطقة خصوصا النساء القرويات، اللواتي تعيشن من زيتها وحطبها ومستخلصاتها الطبية والتجميلية، فقد تأسست أزيد من عشرين تعاونية التي يعيش أفرادها على إنتاج زيت الأركان والصبار وتسويقه.

هل تعاني الزراعة المستدامة باقليم سيدي افني من أي مشاكل ؟
تتعدد المشاكل التي تعيق ازدهار هذا النوع من الزراعة بالمنطقة . أولها الجفاف الذي نجده من بين أهم معيقات الزراعة المستدامة بالإقليم،فرغم تميز الصبار والأركان بمقاومة الجفاف وقلة الماء إلا أن شح التساقطات بالمنطقة يتسبب في فقدان نسبة لا بأس بها من الأراضي الزراعية. كما نجد أن اقليم سيدي افني قد انضاف هو الأخر للائحة المدن المغربية التي اجتاحتها الحشرة القرمزية Dactylopius opuntiaeفمن خلال من زيارتنا لتعاونية “أسفار” المتواجدة بمدينة سيدي إفني حصلنا على معلومات مفيدة عن هذه الحشرة على لسان السيد محمد وهو مستخدم بهذه التعاونية، حيث ذكر أنها عبارة عن حشرة تصيب نبات الصبار فقط، حيث تتنقل نحو مختلف الأقاليم عبر مربي النحل و شاحنات نقل الخضر والرحالة بالخصوص. وتظهر الحشرة على شكل كومات بيضاء تشبه القطن فوق النبات، فتلحق خسائر مهمة في الإنتاج لكونها تمتص سوائل الصبار مما يؤدي إلى جفافه وموته في حالة شدة الاصابة. كما أكد السيد محمد على اهتمام السلطات بمحاربة هذه الحشرة باستعمال بعض الأدوية الكيماوية وبحرق المنطقة المتعرضة لها، ثم مشكل الهجرة القروية نحو المدن مما يؤثر سلبا على الصبار حيث تودي إلى تراجع الاهتمام بالمنتوج، ويقل عدد سكان الأرياف وخصوصا الشباب، مما يقلص من حظوظ الزراعة في نيل العناية الكافية و اللازمة لها . أما الأركان فيعاني من ظاهرة زحف العمران حيث أكد لنا السيد “حسن” بمديرية المياه و الغابات بإقليم سيدي افني، أن أراضي الأركان قد تقلصت بنسبة مهمة (من 80000 هكتار الى 65000 هكتار) ما بين سنة 2015 و سنة 2018. كما يتعرض لاستغلال مفرط سواء من طرف رعاة الماشية، أو منتجي حطب الوقود والفحم الخشبي. إضافة إلى مشكل الرعي الجائر.


الزراعة المستدامة بإقليم سيدي افني تستغيث :
لقد أكد السيد “حسن” مدير مصلحة الغابات الدي التقيناه أنه يجب المحافظة على استمرارية النشاط الفلاحي لهدين النوعين من الزراعة. ولمواجهة المشاكل التي تعاني منها الزراعة المستدامة بالاقليم أصبح من الضروري على السكان أن يعوا بأهمية هذه الموارد حيث يجب حماية الأراضي الزراعية من الرعي الجائر و توفير جميع الشروط الملائمة لنضج الغلة .كما حثنا موظف بالمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغدائية على إعلام وزارة الفلاحة فور ظهور علامات الحشرة القرمزية في أراضيهم من أجل السيطرة عليها باكرا، بالإضافة الى أن المكتب قد طور سبعة أصناف مقاومة للحشرة كما أفادنا الموظف أن وزارة الفلاحة قد شرعت في تعويض الأراضي الضائعة لمالكيهم عبر زراعة أزيد من 500 هكتار من نبتة الصبار، وذلك ضمن مخطط المغرب الأخضر تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله.
اعداد :المهدي حضير و سلمى الخطري
المراجع