نون بوست علي الكوري
تطلق مدينة أسا الزاك من الخامس إلى الرابع عشر من نونبر 2025 برنامجا وطنيا ضخما تخليدا للذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء المظفرة، في احتفالات غير مسبوقة تحتفي بروح الوطنية المتجددة، وتؤكد ارتباط الساكنة العميق بثوابت الأمة ووحدتها الترابية. عشر أيام من الأنشطة المكثفة التي تمزج بين التنمية والاحتفال، وتجعل من الذكرى مشروعا حيّا يستمر في البناء لا مجرد ذكرى تستعاد.
وتعرف بداية البرنامج إعطاء الانطلاقة لعدد من المشاريع التنموية المهيكلة بمختلف الجماعات الترابية، في مقدمتها تأهيل المرافق العمومية، وشبكات الماء الصالح للشرب، والصرف الصحي، والإنارة العمومية، في إطار رؤية متكاملة تهدف إلى تحسين ظروف العيش وتعزيز العدالة المجالية داخل الإقليم.
وتحتضن جماعة ثويزكي في اليوم الأول سلسلة من الأنشطة التنموية والاجتماعية، أبرزها تدشين مشاريع البنيات التحتية الصحية والمائية، وتنظيم قافلة طبية متعددة التخصصات لفائدة الساكنة القروية، إلى جانب أنشطة تكوينية لفائدة الشباب والنساء في مجالات التربية والتأهيل المهني.
وفي قلب مدينة أسا، تنطلق الاحتفالات الرسمية بالمعرض الجهوي للفلاحة والمنتوجات المجالية، إلى جانب معرض الصناعة التقليدية، كفضاء للتعريف بالموروث المحلي وتشجيع الاقتصاد التضامني. وتختتم الأنشطة اليومية بعروض فنية وموسيقية بساحة محمد السادس وساحة الملعب البلدي، تجسد التنوع الثقافي الغني لمنطقة وادنون والصحراء المغربية.
أما الزاك، فتعيش على وقع منافسات رياضية ودوريات شبابية في كرة القدم والمصارعة والشطرنج، إضافة إلى عروض فنية واستعراضات فلكلورية تعيد للأذهان أمجاد المسيرة وروحها الوحدوية، بحضور واسع للجمعيات والفاعلين المحليين الذين انخرطوا في إنجاح هذا الحدث الوطني.
ويمتد البرنامج إلى البعد الفكري والثقافي من خلال ندوات علمية ووطنية تعقد طيلة فترة الاحتفال، تناقش مواضيع محورية مثل “الرياضة والثقافة في خدمة التنمية الترابية” و”الاستثمار المحلي بين الواقع والآفاق”، بمشاركة باحثين وأساتذة جامعيين وخبراء في الشأن الجهوي.
ويولي المنظمون أهمية خاصة للجانب الاجتماعي والإنساني، عبر تنظيم قوافل طبية متخصصة تجوب الجماعات القروية، وتوزيع دراجات هوائية لفائدة التلاميذ، وكراس متحركة ومساعدات اجتماعية للفئات الهشة، في تجسيد عملي لقيم التضامن والعطاء التي أرستها المسيرة الخضراء.
وتشهد جماعة المحبس بدورها حركية استثنائية بتدشين مشاريع للماء والكهرباء، وتهيئة الساحات العمومية، وإنجاز ملعب للقرب ومركز صحي جديد. وهي مشاريع تعيد الاعتبار لهذه المنطقة ذات البعد الرمزي والإستراتيجي، وتؤكد حضور الدولة ومؤسساتها في كل شبر من التراب الوطني.
وتواكب جماعة بئر المحبس نسق الإنجاز ذاته بتأهيل شبكات الصرف الصحي والمياه، وتوسيع المرافق العمومية، وتنظيم مباريات رياضية وقافلة طبية، ما يبرز العدالة المجالية التي تحرص عليها عمالة الإقليم في تنزيل المشاريع عبر مختلف الجماعات.
أما جماعات غونة، مينا وأغليّن، فتعيش بدورها على وقع مشاريع بيئية وتنموية كبرى، من بينها تدشين سد “غونة” وغرس النباتات الصحراوية المقاومة للجفاف، إلى جانب مشاريع للماء والإنارة العمومية، وتوسيع الشبكات الكهربائية والطرقية، بما ينسجم مع الرؤية الوطنية للتنمية المستدامة.
وتتوّج الاحتفالات بملحمة فنية كبرى بعنوان “العيد والمسيرة”، تجمع بين الفن الوطني والبعد الرمزي للتاريخ، بمشاركة فنانين وفرق من مختلف ربوع المملكة، لتتحول الساحات العمومية بأسا إلى مسرح مفتوح يجسد تلاحم الشعب بالعرش في لحظة وطنية نابضة بالفخر والاعتزاز.
وبهذا الزخم الكبير من المشاريع والأنشطة، تؤكد أسا الزاك أنها لا تخلد المسيرة الخضراء كشعار أو ذكرى، بل كمشروع تنموي متجدد يربط الماضي بالمستقبل. إنها رسالة وفاء لروح الحسن الثاني طيب الله ثراه، وتجديد للعهد مع جلالة الملك محمد السادس نصره الله، على مواصلة المسيرة بروح البناء والعطاء في مغرب متجدد ووطن لا يشيخ بالانتماء.


















