
بقلم : هشام الضاوي
من يرى تعامل الحكومة المغربية مع مستجدات فيروس كورونا نوعا من السخافة و الارتجالية فليطلع على البرامج الإخبارية و الساخرة و برامج talk show الأمريكية ليرى و يتحقق بأن سخافة دونالد ترامب لم تتوقف عند قراراته السادية في جميع المجالات و أنه يستحمر الشعب الأمريكي قبل أن يستغفل الشعوب الأخرى، بل وصلت به السخافة حد التحدث بمعطيات رقمية مغلوطة حتى لا يدخل الشعب الأمريكي حالة الهلع التي قد تؤدي إلى شلل اقتصادي لأولى إقتصادات العالم ليس من حيث الاقتصاد الواقعي المبني على الإنتاج الطبيعي و التصنيع الميكانيكي بل من حيث القوة العسكرية و صناعة التكنولوجيا الرقمية، التي في أغلبها لم تجلب إلا الويلات والحروب في هذا العالم الجميل أصلا ، و قد أبت الطبيعة إلى أن تلقن درسا لحكام العالم الذين انهزموا أمام حكمها بل منهم من أصيب بكورونا التي لم تسثنن أحدا ولكن ثمن الدرس لن يكون بنفس مستوى القسوة على الجميع، سيعيشه كل واحد منا بناءا على خلفيته السيكولوجية و البيولوجية ، من الناحية السيكولوجية درجة الهلع والخوف من الفيروس الفتاك المنتشر، و من الناحية البيولوجية مستوى القدرة الطبيعية على مقاومة الفيروس و هنا الطبيعة ستقوم باختيارها الطبيعي la sélection naturelle والذي يميل أكثر إلى الصنف الأقوى و القادر على التغلب على الفيروس كل واحد بما تعلمه من وصفات الأجداد نحن المغاربة في هذه النقطة لنا قدرة غريبة و عجيبة على التكيف و التغلب على أخطر الفيروسات و الطاعون و المجاعة و الحروب التي عرفتها البشرية، نحن من استوطنا الأرض في البداية و اكتشاف رفات أول إنسان بجبل إيغود يشهد على ذلك ، نحن من بنينا أعظم حضارة على وجه التاريخ في الأندلس و حتى الحفريات و الآثار تدل و تشهد أن مدينة أطلانتيس الغابرة لها علاقة بالمحيط الأطلنتي المقابل للمغرب و حكاية شبه مؤكدة لحضارة ما قبل طوفانية كانت متطورة تكنولوجيا لدرجة قد يستوعبها العقل البشري في يومنا هذا بعد ما وصل له من تطور علمي وتقني ففي مدينة أطلانتيس البراق الذي حدثنا عنه الرسول الكريم كان وسيلة نقل إيكولوجية ثم تطويره في مختبرات أطلانتيس عن طريق تجميع خصائص الحمض النووي للحصان و طائر كبير يشبه النسر أي أن التكنولوجيا كانت تحاول قدر الإمكان المحافظة على البيئة و احترام الطبيعة .
تلك الطبيعة التي عانت من أفعال الإنسان تفتك أساسا بالدول التي لم تحترمها فعدد المصابين والوفيات بفيروس كورونا يكاد يكون متطابقا مع نسبة التلوث المنبعثة من كل بلد ، والدليل العلمي الذي لا يقبل الشك هو كون نسبة التلوث عرفت تراجعا كبيرا بالصين كما زادت قليلا نسبة الهواء النقي (صور متداولة هذه الأيام لوكالة ناسا الفضائية الأمريكية تبين بالخريطة و رسوم حرارية نسبة التلوث قبل و بعد)
لذلك الحمد للله ، فنقمة أن المغرب ليس متطورا تكنولوجيا وينتمي إلى العالم الثالث هي بحد ذاتها نعمة كون المغرب يقع في ذيل الدول الصناعية الملوثة، و كونه أيضا نهج سياسة الطاقات المتجددة التي أثبتت نجاحها بالأرقام على مستوى الأمن الطاقي فبعد أن كان المغرب يستورد نسبة كبيرة من احتياجاته الطاقية من اسبانيا أصبح الآن مصدرا للطاقة لها مما أثر على موازين القوى و اتضح ذلك أكثر في تحركات المغرب الأخيرة تجاه الجارة الشمالية فيما يخص اعتماد قانون ترسيم الحدود البحرية و الخناق المفروض على سبتة و مليلية المحتلتين .
الإرادة الإلهية و غضب الطبيعة كان عنوان الشهور الأخيرة ، جفاف و جراد و حرائق غابات شاسعة ، والآن فيروس مستجد لم تصنعه أمريكا ولم تصنعه الصين بل لفظته الطبيعة كي تقدر على الاستمرار l’instinct de survie , لأن الطبيعة حية و هي إبداع للخالق تعالى ، و لديها رغبة بالبقاء كما لباقي المخلوقات ، إذن فالحل هو إرضاء الطبيعة و احترامها ، و هنا لم تكن تكفي المواثيق الدولية التي تراجعت عنها الصين و أمريكا ، لأن الإنسان (كاموني) بطبعه فيروس فتاك هو الحل للقيام بالاختيار الطبيعي .
هنا حضرني قرار وزارة الداخلية بمنع التجمعات الكبرى ما عدا المواسم الدينية، فإذا كان هذا القرار نابعا من كون الحكومة لا تأخد الفيروس على محمل الجد فتلك مصيبة أما إذا كان هذا القرار نوعا من تحدي الفيروس بالقدرة العجيبة للمغاربة و خصوصا الذين يرتادون المواسم على تدجين كورونا بأنواع الأدوية التقليدية التي يحسنها المغاربة و أنا متأكد من تلك القدرة بل أجزم فعلا أن المغاربة سيتغلبون على الفيروس بعسل النحل الطبيعي و “الكاليبتوس” و “مخينزة” و الزنجبيل و “الشيح” و ما إلى ذلك من أنواع الوصفات الخالدة التي نتوارثها جيلا بعد جيل.
إذن حينذاك القرار قد اتخد على أعلى مستويات القيادة الإستراتيجية، و هنا سأكون متفقا ، الإشكال المطروح هو عدم التحدث مع الشعب و إيصال الرسالة كما هي ، فالشعب المغربي منذ صدمة التوغل الامبريالي و الاستعماري الذي كان هدفه إدخال المغرب في مرحلة الاستغلال الأخلاقي للموارد الطبيعية أصبح كالطفل يتلاعب به من كل جانب تارة الفكر الشيوعي وتارة الإسلام السياسي و أخيرا حمزة مون بيبي و آخرون ، هو نفسه الشعب الذي يجب علينا تذكيره بدوره التاريخي الذي قاد العالم إلى الحضارة، هو نفسه الشعب الساذج و المحب للحياة إلى درجة جعلته أكثر شعوب الأرض استخفافا و نكتة على كورونا، هذا الشعب الذي يجب أن نتوجه إليه و نخبره الحقيقة كاملة، نخبره بكل ما وقع في الماضي بدروسه و أخطائه و خصوصا أمجاده، و نخبره بما نعيش حاليا و بما يمكن أن يقع، لنؤهله لجميع الاحتمالات، ولتكن كلمته واحدة كما كانت تحت راية يوسف بن تاشفين ، و أحمد المنصور الذهبي و كما كانت يوم رجع محمد الخامس من المنفى حاملا كل تطلعات المغاربة، الآن قد أكون وصلت إلى نتيجة أن” للمغرب رب يحميه من كورونا”