
عودة إلى مسرحية “المرشومة” و التي جعلتنا نقرأ واقعنا “المرشوم” بالآمال ،الواعد بها دون ووصول ولو لسراب “غودو” المنتظر…
أعود إلى هذا العرض المسرحي البسيط في قراءة من زاوية أخرى لواقعنا الإفناوي ، فإنه يحيلني على ملاحظات مهمة لها علاقة بالفن في سيدي إفني..
أولا ، إفني لم تعد مدينة مسرح. “فالجمهور” هو أساس العمل المسرحي و مبتغاه ،و قد لا حظنا بكل اسف أثناء العرض تأثير ذلك على الممثلة الوحيدة في المسرحية.. إذ حين تكون امام جمع قليل من الناس ، يتبخر كل إعداد و تتدنى الحالة النفسية تماما ليصبح الممثل -رغم جهده الخرافي- مجرد مؤدٍّ لدوره فقط..
إن العرض يصبح مثل مقابلة كرة القدم بدون جمهور..أو “الحلقة” بدون متفرجين.. أوحتى ،في مقام آخر ، مثل صلاة إمام بدون مصلين!
ثانيا، لم يعد مجديا “استجداء” جمهور للمسرح بالعروض المجانية. فمتلقي المسرح سيأتي للعرض دونما حاجة ليكون مجانيا الولوج إلى عروضه.. ودونما حاجة للعرض في قاعة “تقطع” الطريق إلى “البارانديا” فنطمع ولو في “طليلة” لهذا الجمهور “المفشش” على عرض استمر الاعداد له عاما من العناء..
كان هذا مقبولا في زمن آخر..في زمن لم تكن فيه هواتف ذكية في ايادٍ غبية.. وفي زمن كان فيه ناس إفني يطلون على “البارانديا”…
ثالثا، نحن مدينة لا تحسن الحفاظ على “نعمها” الفنية ، بل ترميها على الطريق..وتتركها للنسيان..لتصبح يوما موضوعا للتباكي!
مع احترامي للممثلة التي قدمت العرض و لتمثيلها المتميز الممتع ، فإني أسجل ان اسماء مسرحية نسائية أمتعتنا كثيرا ولكننا لم نهتم بها..و القصد بالاهمال هنا يخص المجتمع و الدولة و مؤسساتها بالمدينة و “شبه” الإقليم.. فقد أفلتت من بين اصابعنا إلى النسيان مواهب تستحق أن تذكر و تكرم و يعتنى بمواهبها لكي لا تكون إفني مجرد مدينة اشباح و موهومين!
شقية هذه “المرشومة” التي “رشمت” علينا و على “انتظاراتنا”و ذهبت..تاركة إيانا نتذكر الكم الهائل للـ”رشوم” التي يصح فيها قول طرفة يوما إنها رشوم ” تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليد”…
و إلى رشم آخر..عفوا ،هامش آخر غدا.
محمد المراكشي،
مع التحية.