نون بوست – علي الكوري
المجتمع الصحراوي يزخر على الكثير من العادات والتقاليد التي واكبت الحداثة المتقدمة داخل المدينة العصرية وأصبح الشاي الصحراوي مواكب لكل الأزمنة بل أصبح أساسي في كل بيت من البيوت الصحراوية الحسانية المعروفة بكؤوس الشاي الثلاثة سواء المقيمين في البادية أو المدينة.
حافظ المجتمع الصحراوي على طقوس إعداد الشاي القديمة التي تختلف عن كل المجتمعات الأخرى وهي ” الجيمات أتاي الثلاثة ” :
– الجماعة : وهي تتكون من عدة أفراد تكون أكثر من ثلاثة لتناول شاي.
– الجر : وهي الفترة إعداد الشاي التي تكون طويلة، يتم تناول أطراف الحديث فيها.
– الجمر : أي الفحم يتم إعداد شاي عليه.
ومن هذا المنطلق تظهر أهمية الشاي لدى الإنسان الصحراوي، كما يتم تقديمه لكل ضيف زار البيت أو الخيمة بهذا شكل حافظ المجتمع الحساني على شاي كمكون أساسي داخل مجتمع البيظان.
قال الشاعر الحساني في الشاي شعرا، منه:
ألا فاسقني كاساتِ شايٍ ولا تَذَرْ
بساحَتِها مَنْ لا يُعِينُ علَى السَّمَرْ
فوقْتُ شَرابِ الشَّايِ وقْتُ مَسَرَّةٍ
زُولُ به عن قلْبِ شاربِه الكَدَرْ
وإعداد الشاي له أوقات يتميز بها وهي طقوس رسمية داخل البيت “الصباح” و”الظهر ” و “الدحميس” أي العصر و “العشاء” وتم ضبطه فهذه الأوقات التقليدية، كما تتكون الطبلة من خمس مكونات : الكيسان – البراد – الربيعة – والزنبيل – المغرج – الجمر – الرابوز.
ويطلق على معد الشاي “القيام” ويتميز بعدة مواصفات منها إتقان الشعر الحساني، حسن الصور أي المظهر ، بلاغة في الحديث ، وإختيار معد شاي يكون تشريف لا تكليف.
وقال شاعر آخر في نفس الموضوع :
أتايُنا منْه فمُّ المَرْءِ يَحْتَرِقُ
قد طابَ سُكَّرُهُ والمَاءُ والورَقُ
باتَ المُبارَكُ يَسْقِينَا علَى مَهَلٍ
واللَّهْوُ مُجْتَمِعٌ والهَّمُّ مُفْتَرَقُ
خِلْتُ الجُمَانَ عَلَى جِبَاهِ فتْيَتَنَا
كلٌّ تَحَدَّرَ منْ جَبِينُهُ العَرَقُ!
لذا حرص الصحراويين على تناول الشاي بعد وجبات اللحم الدسمة، لانه يساعد على الهضم ومن فوائده أيضا ؛ أنه يقي من الأمراض السرطانية، ويزيل الأم الرأس “هذا أتاي يكلع ادواخ” وعموما لا يعتبر الشاي في الصحراء مشروبا تقليديا فحسب، بل سمة من سمات الكرم الصحراوي، وعلامة من علامات الحفاوة وحسن الاستقبال، حيث أن الصحراويين ينادون ضيوفهم لتناول الشاي أكثر من الأكل.
وفي الأخير، يبقى الشاي الصحراوي من المكونات الأساسية للمجتمع الصحراوي رغم تطور الزمن.
