
إذا كان لجهة كلميم وادنون أن تفخر بـإنجاز تاريخي لها فهو أنها استطاعت إسقاط “النظرية” القائلة بأن “السياسة هي فن الممكن”..فكل ما جرى في أحضان هذه الجهة و مجلسها منذ تكوينه يؤكد العكس..يؤكد المستحيل!
مستحيل في البداية أن ترى رئيسا ينتخب ضد كل أرقام الممكن و”يصطاد” الجوكير من قلب المعسكر المنافس..كما مستحيل أن ترى معارضه وقد خسر لعبة طويلة اﻷمد من البناء “القبلي” و أرقام الأصوات الفلكية أمام الرقم 1 و الذي ضرب كل شيء في الصفر!
كيف للعبة بدأت هكذا ان تكون واقعية ، أو وفق “فن الممكن” السياسي…؟!
لقد كان واضحا منذ البداية هذا المستحيل الذي تتوجه إليه واحدة مما سيصبح معلمة من معالم فشل النموذج الجهوي الجديد في المغرب..
طبيعي بعدها أن تتوالى الحروب العبثية..باسم الحق اوالباطل لا فرق..فما بني على أساس مستحيل سيستمر في المفاجآت المستحيلة حتما..وهو ما وقع.
بدأ مسلسل التحولات الغريبة من المعارضة الى الاغلبية و العكس ، فشهدنا ما لا يصدق أثناء انعقاد جلسات المجلس يوم كانت تنعقد..وهوما جعل ظرفاء الجهة يشبهونه بلعب “الضامة” بالخنافس..ما ان تترك واحدة في خانة إلا ووجدتها فيخانة أخرى قد تناقض تماما موقعها اﻷول..
و صرنا في دوامة ما اصطلح عليه بــ”البلوكاج” تيمنا و توهما و تشبيها للـ”بلوكاج” الحكومي..مع أن الفرق شاسع بين ممارسة السياسة هناك، وممارسة “التخربيق” المستحيل هنا!!
فالسياسة هناك انتهت إلى حكومة بمنطق “الممكن” السياسي ، بينما بقي هنا في الجهة توهم بممارسة السياسة و إن في “أبشع صور ممارستها”.
كيف إذن لا نتوقع أن النهاية ستكون بطعم العبث…؟!
أليس عبثا أن تتوقف جهة على حلم مستحيل لمعارض “قاتل” بشراسة ﻷجل سياسة مستحيلة بإنهاء فترة رئاسة كان أقرب و ادنى منها فطارت من بين يديه؟! كما عبثا أن تتوقف جهة على حرب مستحيلة لرئيس وجد نفسه بعد أغلبية أنه وسط كماشة من الحسابات القبلية و العائلية و الحزبية التي أحالته على ما انتهى إليه من تصريحات مستحيلة..؟!
لقد قدمت جهة كلميم وادنون عبر مجلسها هذا تجربة مهمة لدارسي العلوم السياسية و القانون الدستوري بهذا الفتح العظيم الذي جعل حلما وطنيا يتبخر أمام حسابات لا يمكن أن تتوقعها القوانين و المشرعون.. كما قدمت خدمة جليلة لمتأملي السلوك الانساني وهو يستفيدون من كل هذا الكم من التقلبات و اﻷمزجة “السياسية” التي لا علاقة لها لا بحسابات سياسة المركز أو بحسابات الذين وضعوا اصواتهم في صناديق “الهامش”…
حقا ، و بفعل هذا العبث و اللامعقول ..ومغامرات الرجال المستحيلين بهذه الجهة ،يصدق القول إنها جهة مستحيلة معها “مش حتقدر تغمض عينيك”..
محمد المراكشي،
مع التحية.