عبد الرحيم بوعيدة والوداد البيضاوي

8 يونيو 2019
عبد الرحيم بوعيدة والوداد البيضاوي

 

محمد أنفلوس

 

“في كرة القدم كل شئ معقد مادام هناك خصم”

بول سارتر

كان يمكن لفريق الوداد البيضاوي ان يرضخ لقرار الحكم ويكمل المباراة بعد رفض الهدف المشروع. كان يمكن لفريق الوداد ان يضع في حساباته ان شوط المباراة لا يزال فيه اكثر من نصف ساعة وهو قادر على الرجوع بعد ان فعلها في مباراة الذهاب بعشرة لاعبين فقط.كان يمكن ان يتغاضى عن تلك الهفوة القانونية والاخلاقية  بوضع صندوق في منتصف الملعب لتوهيم العالم بأن “الفار” موجود في المبارة .كان يمكن ان تمر الامور عادية وينتهي اللقاء ويحمل احد الفريقين اللقب في انتظار السنة المقبلة ومباريات اخرى والقاب اخرى.لكنه العناد النبيل .

وعلى نفس المنوال ، كان يمكن لرئيس الجهة عبد الرحيم بوعيدة أن يرضخ لقرار الحكم ويضع في حساباته السيناريو الاول الذي تنتهي فيه المباراة بشكل عادي ويحمل احد الفريقين اللقب في انتظار مقابلات اخرى وبطولات اخرى .لكنه العناد النبيل.

ان موقف بوعيدة الاخيرة في رفضه منح الوثيقة الاصلية لاستقالته يجعلنا نفترض ان الرئيس تعرض طيلة ولايته القصيرة  لضغوطات قوية ونجح الى حد الان ،في تجاوزها بميزة حسن جدا.ضغوطات يمكن قراءتها من خلال الفيديو الاخير الذي صوره بمنزل العائلة بلقصابي.

أولها ضغط العائلة بما تحمله من رصيد سياسي واعتباري في المنطقة ،وهو الشئ الذي جعلنا ننتبه الى ان تيارين يقسمان عائلة بوعيدة :تيار المال والسلطة الذي تمثله الوزيرة مباركة وهو تيار مهادن يُغلب المنطق الاستراتيجي على المنطق التكتيكي، ويرى مخرجات المعضلة ولا يبالي بالخسائر الصغيرة  في الحروب الكبيرة ،همه الاكبر ان يبقى اسم بوعيدة قريبا من القرار السياسي في الصحراء و تيار( السمعة والمعنى) كما وصفه الرئيس في الفيديو الاخير وهو تيار يعتمد على رأس المال المعنوي ولا يبالي.

من بين الضغوطات  أيضا ضغط الحزب الذي ينتمي اليه الرئيس، لان  بلوكاج الجهة المحسوبة سياسيا على حزب اخنوش يعطي مثالا رديئا  لبرنامج  مسار الثقة الذي يبشر به الحزبُ المغاربةً في 2021. يزكي هذا تصريح بوعيدة  بالجامعة الصيفية بمراكش (من يجرأ على البوح لحماية مسار ثقة لم يصلنا منه في جهتنا سوى شك أقرب إلى اليقين)ويضيف في تدوينة له (أقول لحزب لازلنا نحمل لونه و نحافظ على وده رغم كل الشجون انه حان الوقت لمراجعة اوراق مبعثرة في جهة فاضحة لكل النوايا حتى الخفية منها، فلسنا سقط متاع بل اضافة لمن يفهم المسارات جيدا ان كان هناك مسار فعلا. )لقد ورث اخنوش جهتين عن مزوار واقتضت العادة أن إعادة مباراة يخسر الفريق الفائز فهل سيحافظ الحزب الازرق على رئاسة جهة واد نون اذا تمت إعادة الانتخابات وهو الذي سبق أن هدد في مؤتمر شبيبته بكلميم بمتابعة الفاسدين ومن جهة أخرى ألا يمكن اعتبار مباركة بوعيدة مفاوضا ضعيفا حين فشلت في ارغام المعارضة على قبول شروطها وهي التي تفاوض في ملف ضخم وهو ملف الصحراء..

هناك أيضا ضغط المعارضة التي نجحت في تفكيك أغلبية الرئيس عند  اول منعطف ، وأفرزت معارضة  شرسة لم تنظر إلى نفسها بأنها معارضة وحسب، وإنما إعتبرت مسألة التسيير أمرا قد سلب منها بطريقة أو بأخرى.ومن جهة اخرى ضغط حلفائه في المجلس وعلى رأسهم حزب العدالة والتنمية الذي يعتبر زعيم المعارضة خطا احمر مما يقلل من فرص الحلحلة.

لقد كانت سنة ونصف كافية ليستوعب  الدكتور بوعيدة  صعوبة الانتقال من التنظير الاكاديمي في المدرجات الى مستنقع التسيير اليومي والتدبير المتعب.فهم أخيرا انه لا يوجد رئيس جماعة بلا أعداء، بلا حروب، بلا صراعات.يقول بوعيدة عن معارضته (اضاعو زمنا سياسيا في مهاترات وصراعات ليسلمو في النهاية الجهة للجنة لم تتعب نفسها في إنتخابات ولا خسرت جهدا ولا مالا.. هو قرار بجرة قلم أعاد سؤال الشرعية الى الواجهة. ).

هناك أيضا ضغط الشارع الذي ينتظر من  رئيس الجهة فرصا للشغل و الكرامة والبنى التحتية .أو على الاقل ينتظر منه ان يقنعه بوجود أمل في الغد.او اضعف الايمان ان يقنعه بقدرة الانتخابات على إحداث التغيير في المعيش اليومي .

واخيرا ،هل يمكن الحديث عن ضغط  يتعرض له الرئيس من طرف المخزن او على الاقل جزء منه لا اعتقد لان بنية المخزن عندنا تملي ولا تضغط بل قد تعطيك  مفتاح المدينة، وتغيرالقفل.

يقول بوعيدة معلقا على تدخل الداخلية لتوقيف المجلس (عليهم  أن يدركو أنهم لا يقتلون الرئيس، بل الديموقراطية والوطن في سابقة قانونية ربما ستؤسس لمرحلة جديدة يستغني فيها المغرب عن الانتخابات ويوفر الجهد والمال مادام في النهاية هناك آليات غير قانونية للضبط والتوقيف)

قبل الختم قررت الكاف اعادة مباراة الوداد والترجي في ملعب محايد و هو حكم فيه بعض من رد الاعتبار للوداد، وفيه اعتراف بأن قضيته كانت عادلة وأن مطالبه مشروعة  وهو قرار يتضمن انتصارا  لكرة القدم لوضع حد للبلطجة وحسم الألقاب في الكواليس بدلا من ارضية الملعب.

 

 

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة