
يستخدم برنامج الفايسبوك احدث الأنظمة للتجسس على خصوصيات المستخدمين، حيث تستطيع أن تتعرف على شخصيتك انطلاقا من تحليل الصور والفيديوهات وتعليقاتك، وهي بذلك تقدم اليك اختيارات تليق برغباتك، وتستطيع أن تقدم لك ايضا اصدقاء محتملين.
رغم ذلك، تقف هذه الأنظمة الذكية مشوشة ومعطوبة أمام المستخدم العربي. فان تصفحت البوم صوره تجد الأدعية قرب ردف راقصة. وان رأيت فيديوهاته تلقى المفتي يرقص مع التراكس. وإن طالعت ملف أصدقاءه تجد غالبيتهم أعداء أو لايعرفهم البتة.
الجميل في الفايسبوك، انك حين تكون مسافرا في عوالم هذه الشبكة، تصادفك قطعة نادرة من الزمن المنسي، اشياء كثيرة انمحت، غير أن صورة تحيلك إلى ذاكرة جماعية غطاها تراب النسيان.
وجدت صورة المرحوم بااليزيد، صاحب اروع باستيل تذوقته، كنا نأكل أصابعنا كلما مر أمامنا بطبقه المملوء بالحلويات. كنا نتغدد ونحن لانملك إليها سبيلا.
ووجدت أيضا صورة المرحوم تاماخيرت، بائع السمك، هذه الصورة اصابتني بالدوخة. لقد نسيته تماما في زحمة الأيام، وها أنا استرجع كما هائلا من ذكريات الطفولة.
في سنوات الثمانينات، تذكرت اننا، أبناء مدرسة الكرنة، كنا نمر على المارشي في الساعة الواحدة زوالا، ونتحاشى وجود تاماخيرت حتى نتمكن من سرقة الزيتون من البراميل المنتشرة في وسط المارشي. قيل لنا ونحن صغار أن تاماخيرت متزوج من جنية تسكن معه في بيته. كنت أخشاه بجلبابه الرث وصراخه في المارشي : ها المليح، ها المليح. كنت أخافه ولااشتري منه. كان خوفا مزدوجا، خوف منه ومن زوجته.
وحين كبرت عرفت أنه إنسان بسيط، كثير النكتة، كما قال أحد المعلقين على الصورة، أنه كلما اشترى كيلوغراما من السردين، يزيدك تاماخيرت سردينة للقطة، وواحدة للتلفزة، وأخرى للراديو.