مذكرات بوعيدة:قد أخسر معاركَ لكني سأربح الحرب .

29 ديسمبر 2018
مذكرات بوعيدة:قد أخسر معاركَ لكني سأربح الحرب .
مذكرات بوعيدة:قد أخسر معاركَ لكني سأربح الحرب .

 E1BED534-5259-4585-81CB-A481C4959AF4

سبق و صرح عبد الرحيم بوعيدة رئيس لجهة كلميم واد نون – لإحدى الجرائد الوطنية أنه بصدد كتابة مؤلف يخصصه للحديث عن خبايا تجربة سنتين قضاهما في رئاسة الجهة .

قد يكون إصدار مؤلف ( مذكرات ) بعد معارك كلامية في مداولات الجهة ، وفي الصحافة ، يوحي وكأن صاحبه يطبق استراتيجية : قد أخسر معارك لكني سأربح الحرب .

إن الفترة التي زاول فيها بوعيدة السياسة بين حزب التقدم والاشتراكية وحزب الأحرار قد لا تكون كافية لمراكمة تجربة سياسية تقتضي مشاركتها في إطار مذكرات مع الجميع وهي خالية من أية مسؤولية تنظيمية في كلا التنظيمين .

إذا كان قرار الأستاذ الكتابة نابع من ممارسة نقذ ذاتي لتجربة سنتين في التسيير، ونقد ذاتي وجماعي لطريقة تكوين فريق التسيير فإن العمليتان تقتضيان جرأة كبيرة ، بدون شك ستشكل ثورة في الخطاب والممارسة السياسية بالمنطقة الموسومين بالتخلف والإنحطاط ، لخضوعهما لطغيان المال و القبيلة . إذا كانت تلك إرادته فإنه سيؤسس لعمل ثوري- طبعا على مقاس هذه الجهة – ضروري و مفقود عند غالبية السياسيين الجنوبيين.

إن هذه التجربة في الكتابة  بسرد وقائع مكشوفة وغير مكشوفة ورطت أشخاصا مهمين وغير مهمين من المفيد أن تخرج عن نظرية المؤامرة، وإلا ستفقد قيمتها الأدبية والأخلاقية والنقدية.

ويحق لكل متتبع أن يتساءل عن مدى الإستفاذة من المؤلف وقيمته الأدبية والمعرفية والسياسية في التعامل مع إكراهات الممارسة السياسية والتسييرية في مجتمع بدوي تحكمه توازنات يغلب عليها الطابع القبلي وتخلف إقتصادي مروع ناتج عن طغيان الريع بأشكاله المتعددة ، تسيطر عليه أسر معينة منذ أمد ضاربة جذوره في التاريخ .

وتعتبر هذه القيمة المضافة رهينة بالجرأة في كشف الحقائق .

ما الذي سيحدث لو مثل هذه الجرأة -إن تحققت – طرقت أبواب رؤساء جماعات قروية وبلدية وإقليمية لجهة متخلفة على جميع الأصعدة ،وكتبوا مذكراتهم ؟

الذي سيحدث هو تقدم نوعي في ذهنية التسيير والمحاسبة والمكاشفة مما سيؤثر في العطاء المستقبلي لهذه المؤسسات لأن رؤسائها ومدبروها من الأجيال القادمة – هذا ان بقي لهذا جدوى مستقبلا- سيستفيدون -لامحالة – من أخطاء من سبقوهم ،ولن يضيعوا أوقاتهم في استنساخ نجارب فاشلة ،أو سينسحبون من أي عمل سياسي مادام متحكما فيه .

 نستحضر بهذا الصدد مذكرات قائد جريء في التسعينيات ، نال من جرائها مضايقات ، لأنه مس بالفضح من داخل الإدارة الترابية ممارسات لم يقبلها ضميره . ولكنه أدى رسالة نبيلة في إيصال معاناة فئة من صغار موظفي الداخلية.

وتبقى خطوة رئيس الجهة في إخراج مذكراته عن تجربته الرئاسية جديرة بالاحترام من باب أن أي رئيس -وإن كانت شرعية غالبيتهم ناقصة بحكم استعمال المال أو الدين أو تدخل ما – لم يمتلك الجرأة اللازمة لكشف المستور.

إن كتابة المذكرات واليوميات تتطلب حسا نقديا لن يتأتى إلا لأولئك المتشبعين بقيم الحداثة المؤمنين بحق الاختلاف وتدبيره بالإعتراف بالأخطاء وتدبير تصحيحها برؤية تشاركية .

ولا أحسب أن هناك من يحذو حذو الأستاذ بوعيدة من رؤساء جماعات الجهة الحاليين أو السابقين لهم إلا واحد أو إثنين .

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة