نون بوست علي الكوري
حلّ الأمين العام لحزب الاستقلال نزار بركة، صباح اليوم بمطار الحسن الأول بمدينة العيون، مرفوقا بعدد من أعضاء اللجنة التنفيذية ووزراء وبرلمانيي الحزب، في زيارة تنظيمية جديدة تشمل الأقاليم الجنوبية. وقد كان في استقباله القيادي الاستقلالي مولاي حمدي ولد الرشيد، إلى جانب المفتش الإقليمي للحزب وأطره المحلية، في أجواء تؤشر على أهمية هذه المحطة.
وتتجه الأنظار هذه المرة نحو مدينة السمارة، التي اختارها الحزب لاحتضان لقاء تواصلي تحت شعار “الأقاليم الجنوبية للمملكة: دينامية تنموية متواصلة”، في إطار سعي قيادة الاستقلال إلى إعادة ترتيب البيت الداخلي وتقوية حضوره السياسي بالمنطقة.
غير أن هذه الزيارة لا تخرج عن سياق محاولة معالجة واحدة من أعقد الملفات داخل الحزب، والمتعلقة بالصراع القائم بين أقطابه ووجوهه البارزة بإقليم السمارة. فالتنافس بين ما يقارب ستة أسماء وازنة، من بينها شخصيات لها تاريخ سياسي وتأثير انتخابي، جعل من التنسيق الداخلي مهمة شبه مستحيلة.
ويبدو أن اختيار حمدي ولد الرشيد لمحطة السمارة لم يأت من فراغ، إذ يسعى الرجل إلى إرضاء مختلف الحساسيات داخل الحزب وتفادي نزيف الانشقاقات. فبعض القيادات الإقليمية باتت تلوّح بإمكانية مغادرة الحزب نحو وجهات حزبية أخرى، وهو ما قد يضعف الاستقلال في الاستحقاقات المقبلة.
فالسمارة تعتبر قلعة انتخابية لحزب الاستقلال، حيث يهيمن على المشهد المحلي منذ سنوات، لكن هذه السيطرة لم تمنع بروز صراعات داخلية بين قياداته الطامحة لتصدر لوائح البرلمان والمجالس المنتخبة. وبات الخلاف داخل البيت الاستقلالي نفسه أكثر حدة من أي منافسة خارجية.
الزيارة الحالية لبركة وولد الرشيد تحمل بعدا تنظيميا وسياسيا، لكنها في العمق امتحان حقيقي لمدى قدرة القيادة على تجاوز الحسابات الضيقة وفرض الانضباط الحزبي. فالأمر يتجاوز مجرد عقد لقاء تواصلي إلى اختبار فعلي لمتانة الحزب في معقله الانتخابي بالصحراء.
ويبقى السؤال مفتوحا: هل سينجح حمدي ولد الرشيد في رأب الصدع وجمع المكونات المتناحرة تحت خيمة الحزب بالسمارة، أم أن الأمر سينتهي بفشل جديد يكرس صورة الانقسام التي باتت تهدد الحزب من الداخل؟