كلميم وادنون.. جهة على الهامش بين صمت الواقع وضجيج السياسة

24 يونيو 2025
كلميم وادنون.. جهة على الهامش بين صمت الواقع وضجيج السياسة

     نون بوست          علي الكوري .

تعيش جهة كلميم وادنون على إيقاع تحركات سياسية باهتة، تهيمن عليها الحسابات الانتخابية الضيقة أكثر من الهم التنموي العام. وبين تكتلات غير متجانسة وقطب واحد يحاول السيطرة على المشهد، يغيب النقاش الحقيقي حول التنمية والترافع. والسؤال الجوهري الذي يطرحه المواطن البسيط هو: أين هي نتائج كل تلك الوعود الرنانة التي طالما تكررت منذ سنوات؟

في هذا السياق، لا بد من التذكير أن جهة كلميم وادنون تتصدر للأسف مؤشرات البطالة وطنيا، في ظل غياب فرص الشغل وانعدام الأنشطة الصناعية أو الاستثمارية القادرة على امتصاص طاقات الشباب. فهذه الجهة، الثرية بموقعها الجغرافي والرمزية التاريخية، تفتقر لأبسط المقومات الاقتصادية التي تساهم في تخفيف معاناة الساكنة.

ولعل ما يعمق الأزمة أكثر، هو أن التهريب المعيشي أو ما يسمى بـ”الهجرة السرية اليومية” أصبح خيارًا شبه وحيد أمام المئات من أبناء المنطقة، في ظل واقع اقتصادي خانق. إنها صورة قاتمة لا تليق بجهة من المفروض أن تكون صلة وصل بين شمال المغرب وعمقه الإفريقي.

وهنا نستحضر قول الشاعر:

“إذا لم تستطع شيئا فدعه … وجاوزه إلى ما تستطيع”
لكن شباب وادنون لا يجدون ما يستطيعون فعله، سوى الفرار.

من جهة أخرى، فشلت أغلب المجالس القروية بالجهة في أداء أدوارها، حيث تحولت إلى ساحات صراع وتصفية حسابات، بدل أن تكون مؤسسات منتخبة تعنى بخدمة المواطنين. اختزل دور المستشارين في معارك على الكراسي، بينما أهملت المشاريع التنموية، وغاب الالتزام الحقيقي بمطالب الناخبين.

 

“إذا نامت العيون، فإن الوطن لا ينام”

لكن بعض الأقاليم في الجهة دخلت في نوم مؤسساتي عميق لم تستفق منه بعد.

ومما يزيد الطين بلة، أن الجهة لا تتوفر على مصانع كبرى أو مشاريع استثمارية كفيلة بتوفير مناصب الشغل، ولا على أسواق منظمة تعزز الحركية الاقتصادية. فالفقر هنا ليس فقط ماديا، بل مؤسساتيا أيضا، نتيجة غياب تخطيط استراتيجي واستمرار الاعتماد على الارتجال.

في ظل هذا المشهد، تبقى كل التحركات السياسية الحالية مجرد مقدمات لصراع انتخابي تقليدي، تغيب عنه البرامج الواقعية، وتستحضر فيه الشعارات أكثر من الوقائع. ولعل المتنبي لخص ذلك حين قال:

“وإذا أتتك مذمتي من ناقص … فهي الشهادة لي بأني كامل”،
لكن حين تأتي المذمة من واقع الأرقام والمؤشرات، فهنا لا مجال للغرور.

فهل تكون هذه المرحلة فرصة لبعث سياسي جديد في كلميم وادنون؟ أم أننا نعيش بداية موسم جديد من الشعارات والوعود الفضفاضة؟ الأكيد أن الساكنة أصبحت أكثر وعيا، وأكثر إصرارا على مساءلة من لم يعد يملك شيئا ليقدمه سوى الكلام.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة