بريكول الصحراء..

27 أبريل 2022
بريكول الصحراء..
بريكول الصحراء..

بقلم الكاتب والاعلامي سعيد زريبع

كل قادم من المعمور؛ يتعامل مع هذه الأرض كبريكول..
صفقة ويمر..
وهنا ننزوي جانبا، لنرسم فجا عميقا حول الدراما الرمضانية على قناة العيون، لن أقول “درامانا”؛ ببساطة لأنها لا تمت لنا بصلة، لا من قريب ولا من بعيد..
فمن يتحمل المسؤولية إذن؟
الجواب بسيط جدا..
خلقت نشأة قناة العيون، ثورة إعلامية بالمنطقة لا يمكن أن ينكرها إلا جاحد، مهما كانت الأهداف التي أحدثت من أجلها؛ إلا أنها استطاعت أن تملأ فراغا كبيرا لدى أهل الصحراء، يتعلق بتحويل حياتهم وثقافتهم وكل ما يدور في فلكهم إلى صوت وصورة، وانخراط أبنائها في هذا المجال الجديد عليهم، والذين أبرزوا حينها -ولا يزالون- كفاءة منقطعة النظير..
دخلت القناة إلى بيوت الصحراويين، فجالستهم على موائدهم الرمضانية، ببرامج وسلسلات ومسلسلات، رغم بساطتها إلى أنها خلقت نوعا من الفرجة غاب في مثيلاتها من قنوات القطب العمومي..فما الذي تغير؟
خضت داخل القناة تجربة أفتخر بها، ولعلها كانت اللبنة الأولى لأشياء جميلة تلتها، وكذلك حال الكثيرين، لذا أجد نفسي مخولا للحديث عن مكمن الخلل..
في البدايات، كانت تشتغل القناة بميزانية بسيطة “نازلة فيها البركة” وبسواعد شباب نذروا أنفسهم للرقي بها مبنى ومعنى، منهم من استمر في هذه المغامرة رغم الصعوبات، ومنهم من ضاقت به السبل ليجد آفاقا أرحب..
كانت القيمة المادية للإنتاجات الرمضانية متواضعة جدا، في مقابل متعة وفرجة، استفادت من صفقاتها شركات أبناء الصحراء، وبسواعد تقنييها ارتقت..
كان مسؤولو القناة وحدهم من يملكون حق القرار في قبول أو رفض المشاريع المقدمة، رغم المنافسة الكبيرة بينها..
أقول مسؤولي القناة لما كانوا يتمتعون به من حنكة وتجربة في المجال، أو لنقل أبناء هذه الأرض وفقط، فأهل مكة أدرى بشعابها، لتتحول الأمور بعدها وتتحور..
لا يمكننا اليوم أن نصب جام غضبنا على القناة ومسؤوليها الجهويين، لأن الأمر تجاوزهم إلى الرباط، حيث يطبخ كل شيء على نار هادئة، وتقدم المشاريع على طبق من ذهب لمن هب ودب، على الرغم من تقديري الشديد لبعضهم الذي يحاول أن يجد لنفسه متكئا..
بعد هذا القرار، ذابت شركات الصحراء وانصهرت، أو أريد لها ذلك، وبتنا نعيش ما نعيشه اليوم من فوضى..
لا يمكننا أيضا أن نحمل الممثل البسيط والمغلوب على أمره ما لا يطيق وسط هذه المعمعة التي تحتم عليه البحث عن كسرة رغيف، مطأطئا لمبلغ زهيد، في وقت ضاع فيه السيناريو وحواره، فسقطت الفكرة في واد لا قعر له..
كنا نتفرج ونضحك ونستمتع، واليوم نبكي حالنا..
وسنظل كذلك، ما دام تاريخنا وثقافتنا مجرد “بريكول” عند البعض..

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة