حزن والدة الحسين: ليس كمثله حزن

27 نوفمبر 2020
حزن والدة الحسين: ليس كمثله حزن

محمد أنفلوس

هل يتصور أحدنا كيف تلقت والدة الشاب الحسين اوشليح نبأ وفاة فلذة كبدها؟ هل تتصور ماذا يعني أن ينخلع قلبك من صدرك ؟ماذا يعني أن تسمع انكسار الأمل فى ضلعك فكأنما يحفرون القبر فى لحمك ومن لحمك؟

أملنا كبيرفي رحمة الله التي اقتضت أنه على قدر قسوة هذه اللحظة ، على قدر ما يرسل الله ريح صبر فتسكن صدر المؤمن وتنشر فى وجدانه سلام القبول بأمر الله عز وجل وقضائه.

أحس اليوم أن مدينة سيدي افني بكاملها حزينة حين  فاجأها الخبر .فالذي يعرف الشاب الخلوق الحسين يدرك أنه يعشق الحياة كلما استطاع اليها سبيلا .مبتسم دائما،ومناضل يفهم ماذا تعني اشارة النصر التي كان يرفعها في الوقفات الاحتجاجية وحتى في صوره أمام البحر.

السؤال الان هو لماذا هاجر الحسين ؟

الحسين هو واحد من آلاف الشباب الذين يحلمون بالهجرة كل سنة الى جزر الكناري. ولو كان هناك احصاء رسمي لعدد الذين هاجروا من سيدي افني خلال العشر سنوات الاخيرة لتفاجأنا بالعدد .كل شيء في اوروبا يغري بالهجرة ، فرص العمل المتوفرة والسكن اللائق الذي يحفظ الكرامة والتطبيب الجيد وأنظمة ديمقراطية “لا يظلم فيها أحد”.

الحسين شاهد أصدقاءه من المهاجرين الذين تغيرت حياتهم بشكل جذري بمجرد أن وصلوا الى أوروبا ، إشتغلوا ثم ساعدوا عوائلهم في بلدانهم ، إشتروا سيارات وشيدوا منازلا لأن أوروبا وفرت لهم كل سبل العيش الكريم فقط لأنهم هاجروا إليها .. وعلى النقيض من ذلك فلاشيء في هذه البلاد يغري بالبقاء .البطالة والفقر والفساد والمرض ،لا شئ يغري بالبقاء الا ما رحم ربك.

لكن رغم كل قصص نجاح الهجرة عبر القوارب التي يرويها الناجون من بحر الظلمات فلا أحد يريد أن يسمع حكايات الذين ماتوا غرقا ؛لا أحد يريد أن يسمع لصراخهم وهم يصارعون الأمواج من أجل البقاء ؛لا أحد يريد أن يرى صور جثثهم .لا أحد يريد أن يحمل حزن اقربائهم.يظن الكثير من شبابنا أنها رحلة بسيطة وسهلة ومريحة لذلك لا يريدون من يقول العكس او من يريد ازعاج حلمهم بالرحيل.

ما العمل اذن؟

ستبقى الهجرة واقعا قائما ومتكررا الى أن يتم توفير فرص شغل حقيقية تحفظ الكرامة وتطبيب جيد ينهي الوجع وسكن لائق يضمن الدفء والأهم هو الاحساس انك في وطن لا يظلم فيه أحد .

الحسين لم يمت سيظل في قلوبنا شاهدا على العصر.

وعند الله تجتمع الخصوم

عزاؤنا لسي مبارك اوشليح فكل شئ يحدث في هذا الكون يحدث بسبب ولسبب.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة