
محمد أنفلوس
تعني كلمة “بوديموس” الإسبانية ” اننا نستطيع” أو “قادرون”.هي في الاصل عنوان وشعار حركة سياسية إسبانية يسارية نشأت تحت تأثير احتجاجات الغاضبين في ثورات الربيع العربي عام 2011، وتحولت إلى حزب سياسي عام 2014 واستطاعت أن تحقق مفاجئات ثقيلة هزت الطبقة الإسبانية السياسية.
حركة أسسها سبعة أشخاص، يقول أحدهم وهو بابلو إغليسياس، أستاذ العلوم السياسية وعلم الاجتماع :”قلنا في الشوارع، وفي الساحات، أجل، هذا ممكن، ونحن نقول اليوم أجل، نحن قادرون».ويتابع رفيقه الكاتب خوان كارلوس مونيديرو «نحن لسنا لائحة. نحن صرخة. نحن الفرح لأننا الأكثرية!»
تأثر مجموعة من شباب مدينة سيدي افني بالزخم النظري لهذه الحركة فاختاروا شعار “بوديموس سيدي افني ” لفتح نقاش واسع حول تدبير الشأن المحلي للمدينة واشكالاته واشكالياته عبر مواقع التواصل الاجتماعي .هناك صفحة بالفايس بوك تحمل نفس الاسم ،تناقش وتحلل ما يحدث بالمدينة بصراحة وبجرأة وبأدب بعيدا عن خطابات السب والقذف والتخوين.
في العلوم السياسية فان القاعدة تقول أن الناس لا تثق في الوضع القائم ولكنهم على استعداد لأن يتجمعوا إذا وجدوا أمل . بوديموس سيدي افني هو شعار دافئ يدغدغ مشاعر الافناويين باعتبار الارتباط التاريخي بالارث الاسباني للمدينة وهو شعار أيضا يفتح الامل في التغيير. لأن ما تعيشه سيدي افني الان من ركود اقتصادي وركوب سياسي وركوض نحو الهجرة ، ليس وليد ظرفية حالية، ولا رهين خيار مرحلة معينة ومحددة؛ مضت أو هي آنية، بل هو نتاج صيرورة تاريخية من التطورات والتفاعلات.
صحيح أن نقاش هذه الحركة لا يزال حبيس الفايس بوك حيث لم يتجاوز عدد أعضائها المئتين ولكنه قابل للتطوير وكل من عايش تجربة السكرتارية المحلية سيقتنع أن الحركة ابتدأت برفض الحساب الاداري للمجلس البلدي لسنة 2003-2004 قبل ان تتطور لتطالب بالمطالب الخمس وتصبح علامة فارقة في تاريخ المدينة .
فلكل حركة احتجاجية تاريخ معين، تولد و تتطور، تنمو و قد تخبو، تبدأ تلقائيا وبشكل عفوي تحت ضغط الحاجات الملحة تم تنتظم وفق أهداف وأدوار ورؤية. الفعل الاحتجاجي لا يولد من فراغ أو صدفة، إنه يمتح شكله واستمراريته من الاحتقان والتوتر المجتمعي الذي ينتجه ؛ قد لا يقود إلى تحقيق أهدافه ولكنه على الأقل، يخلخل ويربك قواعد اللعب وقد يساهم في تسريع مسارات التغيير.
الى حد الان لم تعلن هذه الحركة الفتية ذات الشعار الكبير عن برنامجها ومفاتيح الحل الذي تقدمه لانقاذ ما يمكن انقاذه ولم تعط بعد أجوبة واضحة وعملية لكل الأسئلة الحارقة والمربكة التي تطرحها الساكنة والتي لابد من تناولها لكن يبدو من تدوينات أعضائها أنها ” تهدف الى الدفع بشباب سيدي إفني الغيور الى خوض غمار الاستحقاقات الجماعية المقبلة بمرشحين شباب، أكفاء، نزهاء و بدون انتماء حزبي.”
قد نختلف كثيرا مع بوديموس سيدي افني سواء في أفقها الاحتجاجي أو زمنها الاحتجاجي وحتى رهانها الاحتجاجي وقد يتفق معها الكثيرون ولكننا نذكر بنظرية تأثير الفراشة التي تفسر الترابطات والتأثيرات المتبادلة، والمتواترة، التي تنجم عن حدث أول، قد يكون بسيطاً ورهيفاً في حد ذاته، لكنه يولد سلسلة متتابعة من النتائج والتطورات المتتالية، والتي يفوق حجمها حدث البداية، وبشكل قد لا يتوقعه أحد، أو يتنبأ بحدوثه إنسان، وفي أماكن أبعد ما يكون عن التوقع وهو ما عبر عنه مفسرو هذه النظرية بشكل تمثيلي يقول ما معناه أن رفة جناحي فراشة في الصين قد تتسبب عنها فيضانات وأعاصير ورياح هادرة في أبعد الأماكن.. بوينوس ايروس أو برشلونة أو سيدي افني على سبيل المثال.
.
..