عن ورطــة بنمـوسـى…

6 يونيو 2020
عن ورطــة بنمـوسـى…

هكذا بدأت الحكاية..
تغريدة على تويتر لمسؤولة فرنسية عالية المستوى هي “هيلين لوغال” ،السفيرة الفرنسية بالرباط ، تتحدث فيها عن شكرها لشكيب بنموسى سفير المغرب بباريس و رئيس لجنة النموذج التنموي بالمغرب على إطلاعها بما أسمته :”خلاصة مرحلية” مُعلقة بكون “العقد الاقتصادي الجديد واعد الآفاق”.(صورة التغريدة أسفل المقال).

ثارت ثائرة “نشطاء” مواقع التواصل المغاربة ، بدرجة أقل على فيسبوك و بدرجة اكبر على تويتر (الذي لازال نخبويا في المغرب) ، حيث عبر المناقشون بدرجات متفاوتة عن مدى اختلافهم أو عدم تقبلهم لهذا السلوك.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
في تعاليق مختلفة ، يرى المغاربة أن هذا “الاطلاع” لمسؤولة أجنبية عن البلد فيه نوع من “الخروج على الأعراف” المفروض في مثل هذه الوظائف ذات الخصوصية الوطنية..و الأمر كذلك صحيح. فبنموسى و قبل أن يستحضر مدى “ضرورة” إطلاع “الشركاء” الاستراتيجيين للبلاد ،كان عليه ان يستحضر مدى ارتباط عمله هذا بـ”خصوصية” تفرض عدم التداول في الامر إلا مع الجهات السيادية الوطنية مثلما أتفق..
ربما يكون قد اختلط امرا السفارة و اللجنة على بنموسى في حديثه مع المسؤولة الفرنسية ، لكنه و مع افتراض كل مؤشرات حسن النية الممكنة تجاه هذا “البوح” ، إلا أنه كان ممكنا ألا يحصل لو لم تجتمع في يد الرجل المهمتان..و بالتحديد كونه سفيرا للمملكة في باريس…
ــــــــــــــــــــــــــــ
في عذر يلتمسه المدافعون عن هذا “السلوك” ، أن شراكة المغرب الكبيرة مع دولة من حجم فرنسا يجعله في “تداول” مستمر للقضايا و الخطوط العريضة للسياسة الحيوية للبلاد في حاضرها و مستقبلها معها..وهو عذرمقبول لا يمكن تجاوزه مستحضرين أن المغرب ليس دولة معزولة عن محيطها الاقليمي و الدولي.. و من حق “الشركاء” الاستراتيجيين أيضا ان يطمئنوا بخصوص “أرزاقهم” و مصالحهم المرتبطة بالبلد.. لكننا ، نركز هنا على عبارة “الشركاء الاستراتيجيين” لا “الشريك الاستراتيجي”!
أجدني متفقا مع هذا الرأي ، فالتواصل مع شريك واحد فقط ، بهذه الطريقة أو غيرها ، قد يجعل الآخرين الذين ليسوا أقل أهمية و من كل الاقطاب الدولية ينظرون بعين الريبة الى هذا “الوضع المتقدم” الذي أظهره هذا “الاطلاع” لفرنسا..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كان من الممكن ألا يظهر هذا النقاش كله لو لم تثر المسؤولة الفرنسية ذلك في تغريدتها و بلغتها التي رآها كثيرون متعالية ذكرتنا بلغة الرئيس الفرنسي بخصوص الفرنسيين العالقين بالمغرب أيام الحجر الصحي الأولى…
كما كان من الممكن تفادي الأمر كله أيضا لو لم تختلط أمور السفارة و مسؤولية اللجنة على بنموسى.. لكنه على اية حال نقاش لازلنا في حاجة إلى مثله من النقاشات ذات الاحساس بـ”الكبدة” على البلاد و مواضيعها الوطنية الخالصة.. مع استحضار(بكل موضوعية) أنه من “البلادة” اعتبار أن مسؤولا “مخضرما” مثل بنموسى لا يدرك مدى حساسية الموضوع وبما يمكنه أن يصرح به أو لا لـمجرد “شركاء” للمغرب.

محمد المراكشي،
مع التحية.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة