ربيع “فلويد”…

5 يونيو 2020
ربيع “فلويد”…

ما يقع في الولايات المتحدة هذه الأيام مهم جدا لتجديد النفس الانساني..
تجديده من حيث تحويل الاهتمام اليومي عن الوباء الذي ما تركنا نتنفس طيلة الأسابيع الطويلة للحجر الصحي ؛ و تجديده من خلال اكتشاف عيب انساني مشترك نعيشه بعد كل هذه الثورات الصناعية و الزراعية و التكنلوجية و الحقوقية و عصور من التاريخ البشري..
فهذا العيب ، مثلما توفقت في رفعه شعارا إحدى المتظاهرات تضامنا مع جورج فلويد ، يأتي عبر التربية..
فربما صار الوقت ملزما لنا لإدراك أن التربية لا تقوم فقط على تقويم الاعوجاجات السلوكية و إنما هي قد تكون معضلتنا أيضا بحيث إنها قد تؤدي إلى هذا الاعوجاج…
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ظاهرة العنصرية ظلت ملازمة للبشرية عبر تاريخها “الحضاري” الطويل.. و لولا أنها صارت شبه “طبيعة ثانية” للانسانية ما اضطرت العقول النيرة للانسانية ذاتها أن تضعها ضمن أولوياتها في الاعلان العالمي لحقوق الانسان و كل ديباجات الحقوق المدنية و السياسية عبر العالم…
لكن للأسف ، لازالت مستمرة بما يشي بعيوب في التربية على قيم المساواة و التناقض بعض الاحيان بين التربيات الموازية على هذه القيم بين المدرسة و الشارع و الاسرة..
حادثة وفاة جورج فلويد هي موقظنا على إيقاع الخوف من أن “تدك” الانسانية ما “حرثته” طوال هذه العقود و القرون من الاصلاحات الاجتماعية و السياسية و الدينية التي كان مبتغاها الأسمى تقويم مسارها…
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بعض من الناس ، يرون في ما يشبه “النكاية” أن الولايات المتحدة بتجبرها و كأنها صارت تعيش “ربيعا أمريكيا”..و لم يخلُ هذا التعليق من سخرية..لكننا ، ربطنا تمثلنا للربيع الامريكي هذا بربيعنا العربي المختلَف عليه!
لكن ، ومثلما كان “الربيع العربي” رجة سياسية و فكرية و اجتماعية (بغض النظر عن نتائجه) ، فإن ما يقع في الولايات المتحدة هذه الايام هو رجة ايضا..وإن سبقتها رجات مماثلة رداتِ فعلٍ على حوادثَ مشابهة منذ الستينيات الى الآن.
الجديد أن هذه الرجة أقوى و أكثر وعيا من سابقاتها ، خصوصا في أوساط الامريكيين الافارقة ، قد تساعد في تغيير أكثر أهمية و سرعة من محاولات ايقاف الغضب باية وسيلة كما كان يقع في الماضي… ربما بهذا المعنى ،إن صدق هذا الرأي، يمكنه ان يكون ربيعا افريقيا لأمريكا…
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
تحتاج الانسانية دوما إلى مثل هذه الرجات..و الحركات التغييرية الموجهة لمسار التاريخ…
لتبقى الأمم العظيمة هي التي لا تعشق العودة الى نقطة البداية كل مرة وبعد كل رجة ، و هي التي تستفيد من حراكاتها الاجتماعية و السياسية لتستمر عجلة تاريخها في الدوران لقرون أخرى ..
وذاك هو مكر التاريخ…
فهل تربح أمريكا رهان الأمم العظيمة؟!

محمد المراكشي ،
مع التحية.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة