سيدي افني :نهاية مائة يوم من العزلة

1 يونيو 2020
سيدي افني :نهاية مائة يوم من العزلة

محمد أنفلوس

ماذا يعني أن يتسلل فيروس كورونا الى مدينتك الصغيرة الهادئة المطمئنة؟

كان الافناويون يتابعون انتشار فيروس كورونا عبر العالم وهم ملتزمون بالحجر الصحي وعلى درجة من الوعي والاقتدار. وكلما اقترب الفيروس من المدن المجاورة يشتد الاهتمام باجراءات السلامة مع الكثير من السيطرة على القلق والخوف، دون تجاهل، بل بالمزيد من الحذر، متمسكين بالقناعة أن القلق لا يحمينا من المرض.

مضت مئة يوم من العزلة والافناوين ينتظرون اكتشاف لقاح صغير لتعود دورة الكوكب إلى ما كانت عليه، والاهم بالنسبة اليهم أن يعودوا لممارسة طقسهم اليومي في الاطلالة على البحر من البارانديا. لكن فيروس كورونا ماضٍ في إذلال العالم.

يهدد كل شئ مثل القصص التي لا تخطر إلا للأطفال بسبب بعدها عن الاحتمال المنطقي: فيروس يواجه كل تراكمات العلوم البشرية منذ أيام الفراعنة وبين النهرين، إلى البريطاني فليمنغ إلى الفرنسي باستور، إلى الطب بالإبرة الصينية، إلى الجنوب أفريقي كريستيان برنارد الذي زرع القلوب كما تُزرع البطاطا. ليقف الإنسان اليوم فوق تلة كبريائه يرى نفسه ضعيفاً، مثيراً للشفقة.

واليوم بعد تسلل فيروس كورونا من ميناء المدينة الذي كنا نفتخر بوفرة السردين الذي يوفره حتى اننا نقول ضاحكين ” لن تجد مدينة في العالم ثمن ربطة قزبور بدرهمين أغلى من كيلو سردين بدرهم واحد الا بسيدي افني” ، تأتي أسئلة أخرى، لربما أقسى وأكثر خوفاً، متعلقة بحجم توفير رعاية صحية للمرضى في حالة لا قدر الله ظهور المزيد من المرضى.

وهنا يتضاعف القلق .

القلق الذي عبرت عنه فعاليات حقوقية وجمعوية واعلامية وصفحات فيسبوكية وناس عاديين وضعوا ايديهم على قلوبهم يطالبون الانتباه الى ما يشهده ميناء المدينة من تسيب وحالة تراخ في التعامل مع فيروس صغير تفوق على قوة المال وقوة السلاح وقوة السياسة و الأخطر أنه حتى الآن لا يزال متفوقا على قوة العلم.

الحياة كانت مستمرة في المدينة، مستمرة بمعنى أن كل ما في الأمر هو لبس الكمامة و غسيل الأيدي أصبح “أكثر من المعتاد”. لكن كل شيء سيتغيّر اليوم.

سيتم إعادة الاعتبار لشعور المسؤولية، هذا السؤال الذي يُطرح يومياً في علاقتنا مع “العالم الخارجي”، في الالتزام “بالحجر الصحي”، في عدم الخروج، البقاء أكثر في البيت.

سيتسلل الشك فيما بيننا وسننظر في وجوه بعضنا البعض وننتبه الى أي كحة أو عطسة أو تغير لون وجه ،سنكون صارمين في ألا نتصافح بالأيادي و لكن كعادة الافناويين، سيرتفع منسوب حسّ الفكاهة لأننا اعتدنا السخرية لتخفيف وطأة القلق على النفس.

فنحن ننبهر بتفاصيل “الحياة” كلما ساورنا بعض من الرعب الذي ربما نتجاهل “عمقه”.

الحل الان وهنا ،هو البقاء في البيت وعدم الاختلاط ليس فقط حماية لأنفسنا، بل ربما لوالدة شخص لا تعرفه، تلتقي به صدفة في مكان واحد.

ليس لك من الامر شئ. صدق الله العظيم

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة