الإعلام المغربي بين يوتوبيا التطبيل وديستوبيا كورونا من توعية المواطنين إلى مدح المسؤولين

1 أبريل 2020
الإعلام المغربي بين يوتوبيا التطبيل وديستوبيا كورونا من توعية المواطنين إلى مدح المسؤولين
الإعلام المغربي بين يوتوبيا التطبيل وديستوبيا كورونا من توعية المواطنين إلى مدح المسؤولين

بقلم هشام بيتاح

أصبحنا في هذا الزمان نعيش رؤية ثنائية متناقضة لجملة من الأحداث والقضايا الهامة، فبينما المجتمع يعاني من عدة مشاكل اجتماعية واقتصادية يبقى أخرها ” وباء كورونا ” نجد هذه الأيام إعلاما من نوع أخر، إعلام يرصد خطوات المسؤولين ويتمحور دوره بين التطبيل والتهليل لإنجازات مسؤولين تدخل اصلا ضمن نطاق واجبهم المهني ، فقد تزامنت مرحلة وباء كورونا ظهور إعلام جديد أشبه بإعلام المناسبات (الأعراس) يتبع خطوات مسؤولين في الشوارع في تنسيق مسبق معهم لرصد تدخلاتهم وشخصياتهم لملئ الفراغ الإعلامي والنقاش الموضوعي خلال أيام كورونا.

فإعلام التطبيل لا يختلف كثيرا عن الصحافة الصفراء التي تعكس عدم استقلالية هذه السلطة بمثل هذه الممارسات التي يسعى بعض المسؤولين من خلالها الى اقتماس دور البطل واستعمالها كوسيلة على نجاعة مهنيته التي يفرضها القانون ، ففي هذه الايام برزت الى السطح مواقع إعلامية كانت مختفية في كثير من معاناة المواطنين والتطرق لمشاكل الساكنة، لكنها ظهرت بشكل كبير خلال هذه الأيام ” تمدح مسؤولا على تدخله وتوثق كلامه وشخصيته ” محاولة توضيح عمله المهني وطريقة كلامه المتفق عليها مسبقا، فمثل هذا الإعلام هو عبارة مؤسسة يسوق فيها منتوج مستهلك ينمط ويوجه الرأي العام لأفكار معينة بتعدد الطرق و الأساليب، يحاول البعض من خلاله تأكيد المهام المنوطة اليه، و بالتالي فقد أفرغ الإعلام من محتواه الأصلي كتوعية المواطنين أكثر إلى وسيلة لغاية معينة وهي مدح المسؤولين .

إن ما نحتاجه في هذه الفترة بالذات هو إعلام مستقل يقوم بتوعية المواطنين بخطورة الوضع أكثر، إعلام يساهم ويثمن المجهودات في حدود وليس تتبع خطوات المسؤولين أينما حلوا وارتحلوا، إعلام حقيقي يساهم في نقل الحقيقة للمشاهد بدون أي خلفية معينة وبدون أي أهداف مبيتة، إعلام قوي في محتواه وليس فارغ من محتواه الفكري والثقافي كسلطة رابعة لها الحق في الاوعية والتعبير ونقل رأي المواطن كما هو، والمساهمة بايجابية في توعيته وترشيده، لذلك فاننا بحاجة ماسة الى إعلام بديل يساهم مع الدولة في توعية المواطنين بطريقة ايجابية وليس إعلام توثيق المنجزات وإعطائها أكبر من قدرها.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة