“الحدأة السوداء”..طائر مهاجر يستعيد جناحه المكسور على شاطئ لكزيرة

محمد أكينو- لكزيره

ليس من عادة رواد شاطئ لكزيرة التابع لإقليم سيدي افني، أن يرواْ منظر طائر جارح، ضعيفاً مكسور الجناح,بين مقاهي هذه المنطقة الدائعة الصيت.

يحاول رشيد ، وهو صياد من المنطقة،أن يثير انتباه الزوار لهذا الطائرالذي يسمى الحدأة السوداء،و يصنف ضمن الفصيلة “البازية”.يقول هذا الصياد الأربعيني في حديث لموقع نون بوست”أنقذت هذا الباز من موت محقق قبل عام، بعد أن وجدته صدفة مصاباً وجريجا، لا يستطيع الوقوف ولا الطيران، في إحدى منحدرات المنطقة الشاطئية”.

رشيد يمتهن الصيد هنا في  لكزيرة،حكى لنا عن ولعه بعوالم الطيور منذ الصغر،و أنه قدم الرعاية الطبية اللازمة لهذا الطائرة بمساعدة سائح أجنبي يزور المنطقة ,وينتظر أن تسترجع أجنحته قوتها ليطلقه ويعود حراً طليقا  في الأجواء.

جناج مكسور

يرى هذا الصياد البسيط أن “لهذا  الطائر كبرياء عجيب،لا يرضى أن يظهر ضعيفاً أمام الغرباء, خلال الشهر الأول لم يستطيع أن ينظر إلي بشكل مباشر ,ومع توالي الأيام استطاع التأقلم،ونقوم بتوفير وجباته اللازمة من الطعام على شكل لحوم”.

ويُعرف طائر الحدأة السوداء بحجم متوسط،وذيل متشعب ذو ريش يميل إلى الحمرة،وبمنقار أسود وساقين ذات لون أصفر ومخالب سوداء.يقول رشيد الخمليشي  العضو في مجموعة البحث من أجل حماية الطيور في المغرب ، في حديث لموقع نون بوست :” يوجد تقريباً  أكثر من 700 ألف طائر من هذا النوع ،تعبر سنويا  الأجواء المغربية في مسار هجرتها، الذي ينطلق من أوربا الغربية في  اتجاه إفريقيا قبيل فصل الصيف”.

طائر متمكن

ويصل علو طيران هذا الطائر المهاجر، حسب المتحدث إلى أكثر من 1500 متر، ويستطيع الطيران وعبور البحار بكل سهولة ومرونة ،حتى في حالات هبوب رياح  قوية بسرعة تصل إلى اكثر من 80كلم في الساعة، دون أن تؤثر عليه, إنه طائر متمكن جدا من الطيران” يضيف الخمليشي .

وتبقى أعداد من هذه الطيور المهاجرة  في المغرب، ويصل عددها تقريبا ما بين 5000 و6000 وهذه تقديرات المهتمين فقط، في ظل غياب إحصائيات دقيقة، وفقا لذات المتحدث .

ويدعو الخمليشي إلى” المزيد من العناية بهذا الطائر المهدد بالانقراض في المغرب ،بسبب تأثره بالسموم لأنه يقتات من الجيفة ومن مطارح النفايات  ويتعرض للتسمم” .

وخلص الخبير المغربي في علم الطيور،بعد معاينته لصور الحدأة السوداء،التي عثر عليها في شاطئ لكزيره،بمنطقة ميرلفت بجنوب المغرب، أنه “طائر مصاب ويستدعي عناية خاصة، حتى ينمو ريش أجنحته ليتمكن من الطيران”.

استعادة الحرية

وينصح الخبير في الطيور” ضرورة  اختيار دقيق لفترة إطلاقه من جديد، وضرورة عزل هذا الطائر عن الناس لفترة معينة،  قبل إطلاقه للطيران ليتمكن من استرجاع ذاكرته”.

  وزاد قائلا:”يُفضل إعادة إطلاقه في مجال جغرافي غابوي، أو جبلي بعيداً عن الشواطئ، خصوصا بداية شهر شتنبر وهو الوقت المفضل لإعادة إطلاقه في الأجواء”.

غادرنا رشيد في شاطىء  لكزيره  في زمن الغروب، سعيداً بما قام به من إنقاذ لهذا الطائر الجميل،وعينه على أفق المحيط اللامتناهي، مُمنياً النفس ،أن يرى طائره محلقاً بحرية في الأجواء ،بعد عام قضاه مكسوراً على اليابسة .