شاطئ لكزيرة..طبيعة وأقواس بين المحيط والجبل

31 يوليو 2018
شاطئ لكزيرة..طبيعة وأقواس بين المحيط والجبل

 

اكتسب شاطئ الكزيرة شهرة عالمية خلال السنوات الاخيرة , واضحى  قبلةً لعشاق الشواطئ الصخرية وهواة ركوب الامواج , ويجذب السياح من مختلف الجنسيات على مدار شهور السنة , اضافة الى آلالف المصطافين القادمين من مختلف المدن المغربية خلال شهور الصيف .

يقع الشاطئ  على بعد عشر كيلومترات شمال مدينة سيدي افني على الطريق الساحلية المتجهة الى ميرلفت , واشتهر أساساً بأقواس صخرية طبيعية ضخمة  نحتتها مياه المحيط على مدى آلاف السنين على الجبال القريبة من الشاطئ , وصنعت  حركات المد والجزر ممرات طبيعية   تعطي للشاطئ سحراً خاصاً  فتح له باب الشهرة على الصعيد الدولي , و يجذب صناع السينما والتصوير الفوتوغرافي وهواة المناظر الطبيعية .

انهيار قوس الكزيرة

DSC_1037

انهار احد الاقواس الجميلة لشاطئ الكزيرة بشكل مفاجئ اواخر شتنبر قبل عامين , وخلف صدمة لدى ابناء المنطقة وعشاق شاطئ الكزيرة  ,

ويقول رشيد نجيم  وهو مصور فوتوغرافي و دليل سياحي بالمنطقة في ان ” انهيار القوس كان صدمة كبيرة لنا جميعاً , لم نصدق وكأننا فقدنا  عزيزا بيننا , وكنا خائفين من مستقبل الكزيرة بعد فقدان  احد الأقواس , ولكن الحمدلله اقبال الناس من جديد على شاطئ الكزيرة هذا الصيف  يبين ان للشاطئ معجبيه وعشاقه  ” .

ويضيف نجيم ان  ” المنطقة تتوفر على مؤهلات طبيعية كثير  منها قوسين طبيعيين اخرين  , وأسد صخري وجزيرة صخرية صغيرة ,  اضافة الى شواطئ جميلة تعد مكانا مفضلا لهواة ركوب الامواج ورياضة القفز بالمظلات  , وجدبت المنطقة خلال السنوات الأخيرة  كبريات الشركات و منتجي افلام السينما والاشهارات العالمية ” .

على أتربة القوس المنهار لا يزال عشاق المكان يزورونه ويقفون على الانقاض ويتذكرون اخر زيارة , يقول اوليفي وهو سائح فرنسي  انه زار القوس قبل سنوات واليوم احس بحزن وتأثر  بعد رؤية  الأنقاض  , وعبر السائح الفرنسي عن تفاؤله بالمسقبل لأن  “الطبيعة تنحث اقواس جميلة  اخرى قريبا من المكان ”

ويرى الحسن مبركي، الباحث في الجيومورفولوجيا والسياحة الجيولوجية بجامعة ابن زهر بأكادير في حديث لجريدة هسبرس  الالكترونية , أن اقواس الكزيرة  ” تعد من المناظر الجذابة والمثيرة بشكلها وتمركزها بين البحر واليابسة ” , ويضيف المتحدث ان تهاوي االقوس البارز في شهر شتنبر من السنة الماضية كان  ” نتيجةً طبيعية لعوامل التعرية المتواصلة المتمثلة أساساً في قوة أمواج البحر اضافة إلى التركيبة الجيولوجية والخصائص الصخرية للطبقات بتلك المنطقة، والتي تتكون من الصخور المتكتلة والرملية المترسبة على طبقات طينية “.

وزاد ان ” هذا التباين في هذه التركيبة ساهم في  تيسير التعرية الفارقية عبر نشاط مجموعة من الفوالق الصغيرة الذي أحدثت مناطق ضعف على مستويات في القوس مما ادى الى كسره وانهياره نهائيا  ” .

ودعا المتحدث ” الباحثين والمنتخبين والسياح والمستثمرين والسكان المحليين  لبذل جهود متظافرة من أجل حماية هذا التراث الجيومورفولوجي الثمين الذي يساهم بإيجابية في التنمية المحلية”  وتتطلب هذه الحماية   ” إيلاء أهمية خاصة للتحسيس والتوعية، وردع كل أشكال التدخل البشري السلبية ومراقبة الأعمال السينمائية والموسيقية التي تنتج في هذه الاقواس  والزيارات السياحية ”

شهرة دولية وبنية تحتية ضعيفة

DSC_1022

منذ بداية التسعينيات بدأت في المنطقة مشاريع سياحية  صغيرة وتطورت مع السنوات على شكل مآوي و فنادق  سياحية صغيرة , وشقق مجهزة ومقاهي تقدم  اطباق من السمك المحلي وتعرف اقبالاً كبيراً من زوار المنطقة .

ويرى  عبد الله سركوكو وهو أول مستثمر سياحي في المنطقة , ان  هذا السنة سجلت ” تراجعاً كبيراً في  أعداد السياح الاجانب  لمنطقة الكزيره , وشهد توافد  كبير للزوار من مختلف المدن المغربية ” ,  واشتكى المتحدث في حديث لجريدة هسبرس الالكترونية ” من الفوضى والعشوائية التي يعيشها القطاع السياحي بشاطئ الكزيره , وطالب المسؤولين بضرورة تنظيم وتقنين النشاط التجاري على الشاطئ , وتوفير  كل شروط النظافة والسلامة و البنية التحتية  اللازمة  لشاطئ الكزيرة ذو الشهرة الدولية , اضافة الى ربطه بشبكة الماء الصالح للشرب وشبكات التطهير السائل ” .

للوصول الى شاطئ الكزيرة لابد ان ينزل الزائر عبر  سلاليم طويلة  وممرا جانبيا ضيقا  تشكل صعوبة للبعض خصوصا ايام نهاية الاسبوع حيث يكتظ موقف السيارات القرييب  من الشاطئ والذي تمت تهيئة الطريق المعبدة اليه هذه السنة .التقينا رشيد وهو شاب  من مدينة اكادير جاء رفقة عائلته لزيارة الشاطئ ,  ولا يخفي اعجابه بالمؤهلات الطبيعية التي يتوفر عليها الشاطئ  , ودعا الى المزيد من العناية بالمكان وتوفير  الخدمات الضرورية , وعبر عن اعجابه بالأقواس الطبيعية  التي يتميز بها الشاطئ .

بالمقابل يرى عبد الله الركيك رئيس جماعة تيوغزة القروية  – التي يتواجد الشاطئ على نطاقها الترابي  – أن الجماعة ” تبدل مجهودات منذ عامين ولكن  للاسف لا تتوفر على الموارد الكافية لتأهيل الشاطئ وتوفير الخدمات المطلوبة ” , واضاف المتحدث في تصريح لجريدة هسبرس الالكترونية ان جماعته ”  لديها الكثير من المشاريع لفائدة منطقة الكزيرة ولكن يعوزها التمويل ,  وتواجه اكراهات كثيرة  ” .

ودعا المتحدث  الى ”  المزيد من دعم الجماعة القروية وخلق شراكات معها لتنفيذ مشاريع تليق  بهذا الشاطئ الذي اعطى للمنطقة شهرة دولية ” .

مخاوف من المستقبل

قرب قوس الكزيرة الذي لا يزال شامخا يتحدى اكراهات الطبيعة  , التقينا مع الحسين الرايس وهو فنان تشكيلي  يُحول أحجار الشاطئ الى لوحات فنية , من خلال ريشة وصباغة يحاكي فيها  جمال الشاطئ والجبل  , لم يخفي الرايس مخاوفه  من مستقبل الأقواس المتبقية للشاطئ  , ويقول ان ” الكزيرة بلا اقواس  لا تساوي شيئا  , ستصبح شاطئاً عاديا بلا سحر ولا خصوصية  ” .

وأضاف الفنان  انه ” من حسن الحظ لم يخلف انهيار القوس  الاول اي ضحايا لانه تهاوى في  شهر شتنبر حيث لا تشهد المنطقة اكتظاظاً كم تشهده في الصيف ” ,  وطالب ان المسؤولين  ” الى التفكير  في حماية هذا الموروث الطبيعي من الانهيار  ” .

ولتنبيه الزوار لمخاطر تساقط الاحجار والانهيارات المحتملة  على حواف الجبال المحيطة بالشاطئ وضعت السلطات المحلية لافتة  قرب قوس الكزيرة تحديرا من هذه الاخطار .

تحت قوس الكزيرة التقينا شرف  وهو شاب في عقده الثالث يقول انه ابن المنطقة وخريج جيولوجيا , و يطالب الخبراء  الى  ايلاء مزيد من الاهتمام بتراث الكزيرة الطبيعي ويقول ان الوقت حان لإجراء دراسات جيولوجية  وعلمية للأقواس الطبيعية المتبقية في المنطقة  من خلال  ” اخد عينات من الاحجار  وعمل مقارنة مع نسب الرطوبة وقوة الامواج ,  لتحديد العمر المفترض للأقواس وهل تشكل  خطراً او لا  ؟  ويضيف ان الجبال الشاطئية التي تشكلت منها الأقواس لا تتكون من  صخور قوية وانما  فقط من  اتربة  متماسكة , على شكل بنية رسوبية  هشه, معرض للمؤثرات الطبيعة  .

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة