
لسنا هنا في هذا الهامش بصدد مناقشة الشأن السياسي في هذه الجهة المتخلفة.. فقد ظهر بالواضح أنها جهة لا “تسامح” سياسيا فيها… لا مع الناخبين الذين فضلوا أن يبعثوا بتلك العينة غير المتسامحة الى مجالسها ، و لا بين أطراف “الشبح” و ليس الطيف السياسي ـ أو بالاحرى الانتخابوي ـ بها …
ما نقصده قصدا يأتي موازاة مع “الحدث الكبير” الذي شهده المغرب نهاية الاسبوع المنصرم بزيارة بابا الفاتيكان.. و القصد هو نقاش ما حول معنى التسامح كما نراه في هذه الجهة المنكوبة..
حملت الزيارة كالعادة كثيرا من المفاهيم التي غزت ألسنة “العادي و البادي” دونما اهتمام بمدى توفقنا مجتمعا و أمة في تحويلها الى واقع … فالتسامح الذي نلوك به ألسنتنا ، و “نزوق” به تعابيرنا كلما عنت الفرصة الملائمة للحديث ، لانراه … و لو انبرى كل منا الى تعداد مظاهر التناقض بين سلوكاتنا و خطاب التسامح الذي نتوهمه من سماتنا لوجد أن بيننا و بينه مسافة لا يكفي أن تبدأ بخطوة!
تصوروا ان جهة بكاملها بمدنها و أقاليمها اﻷربعة لا توجد فيها كنيسة واحدة… هي جهة كلميم و الواد..
تصوروا أن جهة وادي الذهب مثلا ، قد رممت و اعادت للحياة كنيستها التاريخية الموروثة من العهد الكولونيالي ، و ربحت رهان الشعار.. و أن جهة الساقية الحمراء مثلا آخر ، تجد فيه الجالية المسيحية هناك ملاذا لشعائرها… وجهة سوس ماسة مثلا ثالثا ، تتعايش فيها الكنيسة و الكنيسُ على مقربة من جامع لبنان…
تصوروا أن كل هذه الجهات بها ما يجسد ـ في احترام اﻷديان ـ شعار التسامح الديني…بل إنه صار واقعا معيشا…و كلها تحيط بهذه الجهة المتخلفة التي لا تسمن و لا تغني من تنمية أو تسامح.
في سيدي إفني يمكن للحل أن ينبعث ، على أنقاض أخطاء جسيمة يجب أن تصحح… فقد جسد “تسامحنا” يوما اثنين من أغرب ما تم التعامل به مع دار عبادة ، حيث تحولت كنيسة أولى الى مسجد و الثانية الى محكمة!
أما عن المسجد فــ”اللي عطا الله عطاه” ، هناك رب واحد يعبد فيه اليوم و أمس … و أما عن “محكمة” مركز القاضي المقيم ، فهي رهان كبير يمكنه أن يجسد هذا “التسامح” إن أخذت منحى إعادتها الى حياتها مثلما فعل مسؤولو الداخلة… و لا عذر مادام بناء المحكمة الابتدائية على وشك الانتهاء… ليعود ما لله لله ، و ما لقيصر لقيصر…
هي فكرة…من سيدي إفني لانقاذ وجه التسامح الذي غزاه “الزيرو” في جهة لم تعرف من كل شيء الا اﻷصفار!!
محمد المراكشي،
مع التحية.