
بقلم علي الكوري
لم يكن اقتراح المغرب سنة 2007 للحكم الذاتي مجرد مبادرة دبلوماسية، بل نقطة تحول في مسار نزاع مفتعل عمره عقود. فقد أعاد المغرب ضبط قواعد اللعبة، مؤسسا لمنظور جديد مبني على الواقعية السياسية، والمشروعية التاريخية، والسيادة غير القابلة للتصرف. منذ ذلك الحين، لم يعد النقاش الدولي يدور حول “تسوية ممكنة”، بل حول “الحل المغربي” كخيار أوحد لإنهاء النزاع.
في المقابل، وجدت الجزائر نفسها في موقع انكشاف متزايد. فبينما تتراكم الاعترافات الدولية لصالح المقترح المغربي، تفقد الجزائر ورقة الوهم التي ظلت تروجها لسنوات. الاعتراف الأمريكي سنة 2020 بمغربية الصحراء فتح الباب لتحولات أعمق، تبعته مواقف أوروبية واضحة، أبرزها من فرنسا سنة 2022، ثم المملكة المتحدة في 2025، وكلها تتقاطع عند نقطة واحدة: الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية هو الحل الوحيد الجدي والواقعي.
التحاق دول من مختلف القارات بركب الدعم للمقترح المغربي لم يكن وليد ضغوط أو اصطفافات إيديولوجية، بل نتيجة اقتناع بمسار عقلاني يقوده المغرب بثقة وثبات. وفي مقابل ذلك، انكشفت رواية الجزائر التي تبين أنها تفتقد لأي مرتكز قانوني أو دعم شعبي حقيقي. لقد خسر خصوم المغرب المعركة الأخطر: معركة السردية، التي تفوّق فيها المغرب باعتماد خطاب متزن يزاوج بين التاريخ والواقع.
اليوم، يقود المغرب النقاش الأممي من موقع المبادرة، ويضع المنتظم الدولي أمام حقيقة ثابتة: لا حل خارج الحكم الذاتي ولا مستقبل لكيان مفروض بتمويل وتسليح خارجي. لم يعد الدفاع ضرورة مغربية، بل باتت المعركة تدار من موقع قوة، بدبلوماسية يقودها جلالة الملك، تجمع بين العمل الميداني بالأقاليم الجنوبية والحضور الذكي في المنتديات الدولية.
لكن الانتصار لا يُقاس فقط بعدد الاعترافات، بل بمدى تحمل المسؤولية التاريخية. المرحلة المقبلة تتطلب تحصين المكتسبات، وتسريع وتيرة التنمية، وتعزيز الوعي الوطني بأن معركة الصحراء لم تنته، بل دخلت طورا جديدا من البناء الذكي واليقظة المستمرة.
لقد سقط وهم الجزائر، وتهاوت أطروحتها أمام صلابة الموقف المغربي وعدالة قضيته. واليوم، لا يمكن إلا أن نؤكد أن المغرب لم يربح فقط معركة الأرض، بل ربح رهان الشرعية، بينما لا تزال الجزائر تصر على معاندة التاريخ والجغرافيا، في عزلة لا تُنكرها إلا أبواقها