الوزرة المدرسية من لباس مدرسي موحد إلى قماش تعبيري حر..

4 يونيو 2025
الوزرة المدرسية من لباس مدرسي موحد إلى قماش تعبيري حر..
الوزرة المدرسية من لباس مدرسي موحد إلى قماش تعبيري حر..

على الرغم من أهمية اللباس المدرسي الموحد وما ينطوي عليه من غايات ومقاصد أبرزها ترسيخ المساواة بين التلميذات والتلاميذ، وما قامت به الوزارة الوصية على قطاع التربية والتكوين من إجراءات بهذا الخصوص¹، واعتماد “الوزرة المدرسية” في غالبية المؤسسات التعليمية خاصة بمدينة سيدي إفني، إلا أن هذا اللباس المدرسي تحول في الآونة الأخيرة لدى فئة من التلاميذ ذكورا وإناثا على حد سواء إلى وسيلة للتعبير عن الذات، وأداة بديلة عن الأدوات الفنية من ورقة رسم أو قماش للتشكيل.. وصار فضاء للتعبير الحر كتابة ورسما.. ومن منظور بعض الفاعلين التربويين يعد انتقالا من الاهتمام بالهندام إلى عبث بالمظهر وانعدام ذوق، وصنف من أطراف أخرى في خانة الوقاحة والرداءة..
فمن الكتابة على مقاعد الفصول الدراسية وجدرانها وستائرها، ومن التدوين على المحافظ والمقلمات.. بدأت تتسرب إلى المؤسسات التعليمية ظاهرة الكتابة على الوزرة المدرسية، وتنوعت الخطوط المثبتة عليها بين البارز المضغوط والمبهم الصغير، وبين الألفاظ والجمل، وبين الأرقام والرموز.. وَجُعل لهذا القماش ذي اللون الأبيض وظائف لا حدود لها: مرسما وشعارا ومباهاة وتقليدا وأداة للتميز أو للتعريف.. وما يُخط عليه من مفردات وتعابير، وما يُشكل عليه من رسوم وأشكال فيطغى عليها التنوع والتعدد، وتأخذ المتتبع إلى مجالات وحقول دلالية مختلفة تتوزع بين الرياضة والتكنولوجيا والفن وبين الذات والغير.. ونسوق منها النماذج البارزة التالية:
● أسماء أعلام لأشخاص أو أصدقاء أو أفراد عائلة.. وألقاب متفرقة..
● أسماء فرق رياضية “محلية ووطنية وعالمية” أو شعاراتها أو أسماء لاعبين أو تشجيعات..
● عناوين لحسابات تعريفية على مواقع التواصل الاجتماعي..
● أرقام وسنوات وأعداد وتواريخ..
وما يُفهم من مبررات اللجوء إلى الكتابة ورسم تشكيلات على الوزرة المدرسية بشتى اللغات وحتى العامية، أنه منحى جديد للدلالة على قوة الشخصية والتعريف بالنفس، ومسلك آخر للمحاكاة والتقليد إما لأفعال تلاميذ آخرين أو لشركات صنع الملابس وغيرهما، ومنهج مبتكر للتميز والتفرد نظرا للتماثل القوي بين الوزرات وسعيا لعدم خلط بعضها ببعض خصوصا خلال حصص مادة التربية البدنية..
تأسيسا على ما سبق، فالكتابة أو الرسم على الوزرة المدرسية لا يعد خربشة أو تخطيطا عشوائيا، وإنما هو تعبير حر يحمل دلالات وغايات متنوعة، وينم عن أفكار صعبة التحديد منطلقها الواقع المعاش خلال فترة التعلم، ووراءها طاقات إبداعية غنية بعواطف جياشة وأحاسيس تتراوح بين الفرح والحزن، وبين الألم والآهات.. والتي لا تجد فضاء للتفريغ أو إيصال الرسائل المشفرة أو التواصل أو الدعاية سوى هذا القماش الأبيض / اللباس الموحد.

 

¹. المذكرة الوزارية رقم: 17×094 بتاريخ: 18 يوليوز 2017 تحت موضوع: اللباس المدرسي الموحد للتلميذات والتلاميذ بالتعليم الإلزامي.

محمد غانم

 

 

 

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة