غزة بين فكّي الجوع والتهجير: إسرائيل تقرّ خطة الاحتلال الكامل

5 مايو 2025
غزة بين فكّي الجوع والتهجير: إسرائيل تقرّ خطة الاحتلال الكامل
غزة بين فكّي الجوع والتهجير: إسرائيل تقرّ خطة الاحتلال الكامل

بقلم: [شعبان الدحدوح ]

لم تعد نوايا إسرائيل بشأن قطاع غزة غامضة أو موضع اجتهاد سياسي. فبعد سبعة أشهر من الحرب، يبدو أن القرار اتُّخذ: احتلال القطاع بشكل كامل، ليس كهدف عسكري فحسب، بل كورقة ضغط استراتيجية تُستخدم في أي مفاوضات قادمة.

وفي تطور لافت، أقرّ الكابينيت الأمني والسياسي الإسرائيلي خطة جديدة تتضمن إخلاء سكان مدينة غزة نحو الجنوب، مع استمرار سياسة منع المساعدات الإنسانية، ما يكشف عن مسار منظم لتكريس واقع كارثي يدفع السكان نحو أحد خيارين: الانفجار الداخلي أو الهجرة القسرية.

الهجرة “الطوعية”: مصطلح ناعم لسياسة خَشِنة

في موازاة هذه الخطط، كشفت مصادر عبرية عن تحركات إسرائيلية نشطة مع عدد من الدول، لتسويق ما يُطلق عليه “خطة الهجرة الطوعية”، وهي تسمية دبلوماسية تُخفي وراءها محاولة تفريغ القطاع من سكانه، عبر الضغط المعيشي والنفسي، ودفع الناس إلى القبول بمغادرة قسرية، تموّلها جهات دولية وتُمرّر عبر ممرات إنسانية.

والمثير أن ملف الأسرى الإسرائيليين، الذي كان في صدارة المشهد السياسي سابقاً، تراجع بشكل ملحوظ على سلم الأولويات، ما يشير إلى أن التركيز الفعلي انتقل إلى ترتيبات ما بعد الحرب، لا ما تبقى منها.

الخلافات داخل الكابينيت: غطاء إعلامي لخطة واحدة

لسنوات، اعتادت إسرائيل على إدارة قراراتها الإستراتيجية من خلف الكواليس، والتعامل مع الإعلام كأداة لتوجيه الرأي العام أكثر من كونه مرآة للحقيقة. في الأسابيع الماضية، تكرر الحديث عن “خلافات حادة” داخل الكابينيت حول مستقبل القطاع، لكن تبين أن هذه الخلافات لم تكن إلا ستاراً لتأخير إعلان القرار الحاسم: قبول عبء الاحتلال.

القرار، وفق ما رشح من تسريبات إعلامية، تم إقراره مؤخراً، ومعه بدأت إسرائيل في بناء ما يُعرف بـ”السيناريو البديل”: الرهان على تفكك الجبهة الداخلية في غزة، وتصاعد الغضب الشعبي ضد حركة حماس، وصولاً إلى احتمال اندلاع صراع داخلي يُبرّر تدخلاً عسكرياً دولياً تحت عنوان إعادة الإعمار.

الجوع كسلاح سياسي

يبدو واضحاً أن الجوع لم يعد نتيجة جانبية للحرب، بل أصبح أداة مركزية في إستراتيجية إسرائيل. فكل يوم يمر دون مساعدات أو كهرباء أو مياه صالحة للشرب، يدفع الناس نحو نقطة الانهيار، ويزيد من احتمال انفجار الوضع الداخلي، وهي نتيجة قد تُستثمر لاحقاً في إعادة تشكيل الخارطة السياسية للقطاع، وربما الجغرافية أيضاً.

وفي حال فشل هذا السيناريو، فإن خطة بديلة جاهزة: تطويق السكان في مخيمات، وتجفيف كل سبل الحياة، لإجبارهم على قبول الخروج من غزة إلى أماكن تُختار لهم، تماماً كما ورد في بنود “صفقة القرن”.

خاتمة: مرحلة ما بعد الحرب بدأت بالفعل

ما يجري في الكواليس السياسية والعسكرية الإسرائيلية يؤكد أن مرحلة “ما بعد الحرب” بدأت قبل أن تُعلن نهاية الحرب رسمياً. الرهان الآن لم يعد على العمليات الميدانية، بل على متغيرات اجتماعية وسياسية يُراد لها أن تولد تحت الضغط والقهر، لتُستخدم لاحقاً كمدخل لـ”حل نهائي” لمسألة غزة.

في ظل هذا المشهد، تبقى مسؤولية الصحافة، والنخب السياسية، والضمير العالمي، أن ترفع الصوت، وتكشف الحقيقة، قبل أن يُمحى قطاع غزة من الخارطة، لا بالضربات الجوية، بل بالخنق البطيء والتهجير المنظم

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة