
بقلم سعيد اهمان
أتيحت لي زيارة المعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط، التقيت خلاله ناشرين ومفكرين وكُتّاب ومسؤوليين ومدبرين سابقين مؤسسين لبصمات أولى لبنات المعرض الدولي، لأنقل إليكم شذرات منه:
١. المعرض لم يحافظ على هويته”النشر والكتاب”، وتحولت عدد من أروقة أجنحته إلى فضاءات تَعرض فيه مؤسسات حكومية وغير حكومية، وحتى التجارية، منتجاتها، تستأسد بمساحات واسعة، مقابل ناشرين وكتاب لم يجدوا من يحتضنهم ويأويهم.
٢. استجلاب التلاميذ صغار السن، إلى المعرض من مدن بعيدة، لملء أنشطة أروقة وفضاءات محترمة خصصت لمؤسسات بعينها، ليس إلا “ملء الفراغ وتعمار الشوارج” ، أطفال ناموا بأروقة لشدة تعبهم من السفر، ومنشطون من داخل تلك الفضاءات تَعبُوا ومَلُّوا من كثرة الضجيج في غياب رؤية تدبيرية متوسطة المدى وأخرى بعيدة المدى، لخلق حافزية لدى الأطفال من أجل حُبّ الكتاب..
٣.انشطار بعض مؤسسات النشر، التي بيضت ونبتث معها مؤسسات أخرى، وسط تنافسية في استقطاب الإستكتاب والأسماء بإغراءات، أمام غلاء الورق ولهيب أسعار كتب الناشرين، التي عمقت جراحها أزمة كورونا..
٤. الغلاء الفاحش، نعم الفاحش، للخدمات الموازية للمعرض داخله، (المطاعم علي سبيل الخصر..) ، حتى صارت كُلفة الدخول، وشراء الكتب، وتناول غذاء وقهوة، وسفر وتنقل، يحتاج لميزانية استثنائية بكل المقاييس..
٥.تهافت البعض حول المعرض إلى سوق تجاري في كل شيء، لهفٌ ولهطٌ أمام مَوْزَنة مالية هشة، وثقافة قراءة ضعيفة، وإنتاج مكتوب محدود، مما يُسَاءل مستقبل النشر والكتاب واستراتِيجِيتيهما في مغرب مُجتمع المعرفة والإتصال المأمول..
٦.زيارتي كانت مناسبة للقاء ناشرين وعارضين وكُتَّاب وباحثين وطلاب وأكاديميين، لغرض اثنين: بحثي علمي، وتواصلي تفاعلي، تحقق منه مُرادي الشخصي ومستقبلي العلمي الأكاديمي..
٧.الحاجة إلى معارض جهوية للنشر والكتاب، لحفز كل من له لَوْعَةٌ على الكتاب من جهة، ومن جهة أخرى تقريب الكتاب للمتلقي محليا وجهويا، أيًّا كان مستواه العلمي والمعرفي والجنسي والإجتماعي.. وهي مناسبة يتعين إرساء التفكير الجماعي مجاليا في دعم النشر والكتاب، بطريقة شفافة لا بالموالاة والمراباة، كما يفعل آخرون..
٨.تراكم تجربة المعرض الدولي للنشر والكتاب تحتاج لوقفة استشرافية وتقييم مستقبل النشر والكتاب، بعيدا عن ضبط تقني لأروقة الأجنحة، وتوزيع الفضاءات التي تحول عدد ممن يَشْغَلُ مساحات كبيرة داخله إلى أطلال، فلا هي استُغِلّت، ولا هي منحت لمن يمكن أن يسْتَثْمِرُه بشكل أفضل، فيما يُغْنِي ويُفِيد… وهذا هو القصد والمُراد.