
مشكلة حقيقية تلك التي يعيشها كل من يتشبث بالأمل ، و يحاول جاهدا تجاوز اليأس من كل هذا الفراغ في تنمية حقيقية بهذه الجهة التي لا زلت أصر أنها يجب أن تتبخر..فوجودها صار مثل عدمه.
أتمنى كل يوم ، حين بداية صباحي ،أن يكون هذا اليوم أجمل..و ان اصادف ما يمكنني من عدم تأنيب ضميري كل عشية و ضحاها على ذاك اليوم الأغبر الذي حملت فيه مع الحاملين شعار الالحاق بهذه الجهة الملعونة.. لكني لا اجد إلا ما يزيد حزني و اكتئابي.
أكيد أني لست وحيدا في هذا الألم..لكني لست وحيدا ايضا في مكابدة أعباء رسم الأمل و البحث عن قشة أمل واحدة نتعلق فيها و نحن غارقون في جهة لا تصلح لأي شيء.
لا أعرف بمَ يمكن لك أن تواجه اليأس في اعين شباب افني أو طانطان مثلا..فهاتان المدينتان تحملان في جغرافيتهما و تاريخهما كل ما يمكنهما من أن تكونا قطبين اقتصاديين لهذه الجهة العالة..لكن ،لاشيء يدل على ذلك في واقعهما..
طانطان ،لا أتذكر منها إلا رغبة في الانصراف السريع بعد السلام على الأهل هناك.. تقرا في أعينهم كما في أزقة المدينة نفس ما تقرأه في مدينة صغيرة اخرى اسمها سيدي إفني.. نفس الوقت المتسع لكل شيء من اللاشيء..ونفس الوجوه الحالمة ،كأنك في نفس الشوارع الخالية من أية ملامح..نفس الأنفس العطشى للتنمية..و المتمردة على واقع اجتماعي و اقتصادي لا يريد ان ينفتح..
قد تكون هناك جهود نعترف بوجودها ،لكني لا أتصور أن إمكانات سياحية واعدة فيهما لا يتم الانتباه إليها إلا بتفاهات المهرجانات ، و إمكانات اقتصادية هائلة في الصيد البحري لا تؤتي أكلها على تنمية هذين المدشرين التاريخيين بعد عقود وعقود من ميناءيهما… وتفتح آمالا و أحلاما مواطنة لأبنائنا الذين صار يستوطنهم حلم الهجرة بأي ثمن..
لا بد من صناعة الأمل أيها السادة ، فهو الذي بإمكانه إيقاف هذا البؤس..بؤس تنمية مفترى عليها في مدينتين تتشابهان في نفس الاحساس بالاكتئاب، و في بؤس الانتماء الى جهة لا تغني و لا تسمن من جوع.
تلك مسؤولية من له المسؤولية..أن يصنع هذا الأمل..و أن تكون له الارادة و العمل لأجل هذا الأمل…
أما نحن ،فنصنع الأسئلة فقط ، وهذا واجبنا كما من واجبنا أن نحاول العيش على الأمل…
رغم أننا مثل ربع المغاربة مكتئبون!!
محمد المراكشي