بقلم: صلاح كريطى.
إن الزائر لمدينة الطانطان ينتابه الشعور بأنه يعيش داخل مدينة من مدن الاشباح التي رسمتها الأساطير والروايات وسط مخيلتنا الفكرية ونحن صبية نلهو وسط الحواري، حتى أن الزمن يمضي بطيئا دون أن تحس بأن ساعة قد انقضت وأخرى هلت، أثناء جولتي داخل هذه الحاضرة المنسية شاهدت جدران متآكلة منهارة تحكي واقع مدينة مهمشة من لدن مسيريها ورعاة شأنها المحلي كما روى لنا بعض سكانها بحرقة وألم معا شظف عيشيهم وفقرهم المقيت بسبب إنعدام فرص العمل وإنتشار العطالة الإجتماعية، ناهيك عن ضعف البنيات التحتية ومقومات العيش الرغيد وأسس وقواعد التمدن العصري المتعلقة بالصحة والتعليم الجيد.
وأيا كان من يصف واقع هاته المدينة لن يستطيع إتمام الصورة والمشهد، لأن في الامر لغزا محيرا ألا وهو كيف يعقل أن نشهد ميلاد مدن حديثة تطورت ونمت بسرعة. وتبقى مدينة الطانطان حبيسة التخلف والإنحطاط على كافة المستويات دون أن تجد من يصغي لأنين وأهات سكانها المتخمين بهموم كثرة وعلى رأسها النهضة والتقدم والعيش داخل المدينة العصرية.
فلا يختلف إثنان أن التاريخ ومعه الجغرافيا يتوحدان معا ليشهد على ما كانت عليه مدينة الطانطان أثناء الخمسينيات من القرن الماضي وهي تعيش دينامية وحركة تجارية تربطها بدول إفريقيا وقوافلها تجارية الممتدة حتى نهر السينغال، كل هذا ذهب وتبخر أدراج الرياح وأصبحت الطانطان مدينة الأشباح وهدم البشر والحجر.