
محمد أنفلوس
هذا مثل أرميني..و الأرمن من أعجب شعوب العالم . . يكفي أن تعرف أن عدد الأرمن الذين هاجروا إلى بلاد الله الواسعة حوالي 8 مليون نسمة ، في حين أن عدد سكان بلدهم أرمينيا حوالي 3 مليون نسمة فقط..
يعني أن ثلاثة أضعاف الأرمن يعيشون خارج وطنهم.و الغريب العجيب أن الأرمن المقيمين في الخارج لا ينوون الرجوع إلى بلدهم في يوم من الأيام. بل إن هؤلاء المهاجرين اشتغلوا، وتزوجوا، وأنجبوا أولادهم، واندمجوا في مجتمعات كثيرة ،و ملئوا بلاد العالم ،وتركوا وطنهم خاليا و خاويا إلا من بعضهم..
الهجرة عموما هي ظاهرة قديمة، وما يقارب سدس المغاربة يقيمون ببلاد المهجر؛ حوالي 5 ملايين مهاجر مغربي موزعين على بلدان العالم..
قال كاتب نمساوي إن الذي يهاجر إنسان لا ذكريات له. تتأكد من ذلك عندما تتطلع في هذا العالم وترى أن جميع المهاجرين من الشبان. إلا المغاربة والعرب، فهم من الأطفال والرضَّع
لماذا يهاجر المغاربة من بلد يعتبر «آمنًا»«مستقراَ» «يأتيه رزقه كل حين» ؟
ربما البطالة المستفحلة، والتعليم الفاشل، وانعدام الفرص هو الذي يدفع الكثير من الشباب المغربي إلى اختيار الهجرة طريقا لبناء حياة أكثر أمانًا ورفاهية،وربما هو الشعور الدائم بالغضب النبيل من هذا البلد و والد وما ولد..
لكن هناك فارق هائل بين الشعور بالغضب والتعبير عن الغضب، بين الأمرين مسافة لا يقطعها سوى الشجعان أو المجانين أو المهاجرين، ورحلة الإنسان منذ نزل أبوك آدم على الأرض هي صراع دائم بين القدرة على كتم الغضب وإطلاقه..
سيدي افني مدينة تمارس الغضب النبيل منذ أن أوجدها الله، وهي تشبه أرمينيا من حيث عدد المهاجرين فحسب الإحصائيات الرسمية فان عدد سكانها في الستينيات كان حوالي 60 ألف نسمة و اليوم أصبح 20 ألف إلا قليل بسبب الهجرة الشرعية وغير الشرعية..ولعل دراسة سوسيولوجيا هذه المدينة الصغيرة ستعطينا أول إشارة مرور في محاولة الإجابة عن سؤال مؤرق وحسن النية يردده كثيرون هذه الأيام هو: لماذا يهاجر المغاربة زمرا وأفواجا؟ ولماذا يركبون “الموت” بحثا عن “الحياة”؟
كانت حياة الكاتب الإنجليزي الكبير «جورج أورويل» قصيرة وحزينة، فقد كان عاطلاً مريضاً يقطن في فندق بائس في باريس مع المشردين والمرتزقة ،كتب ذات يوم: «أدركت ذلك الصباح أنني قد هبطت إلى الحضيض، أصابتني تعاسة بالغة لكنني بعد قليل أحسست بنوع من الراحة، فالتدهور الكامل لا يخلو من فوائد، أولها: أنك تتخلص من القلق لأن ما كنت تخشى وقوعه وقع وانتهى الأمر!
ثانيا: لأن الكوارث تزيل عن ذهنك الأوهام فترى الحقائق بوضوح.. كما أنه لا يكون لديك ما تفقده، وبالتالي فلو أنك تمالكت نفسك قليلا فإن خطوتك القادمة ستكون حتما إلى الأمام.”
ويحكى أن نيكيتا خورتشوف السكرتير العام للحزب الشيوعي السوڤيتي قال في اجتماع مع إدارته: إن مشاريع السوڤييت كانت على الورق وأن ستالين أخطأ في كذا وكذا، فجاءته ورقة كتب عليها: «وأين كنت أنت أيها الرفيق نيكيتا»؟!
وعندما سأل عمّن كتب هذه الرسالة، ساد صمت مطبق في الحجرة، فقال نيكيتا:
«كنت مثلك، خائف»
.