اصابة “قلب الدفاع” في حرب كورونا بسيدي افني

29 سبتمبر 2020
اصابة “قلب الدفاع” في حرب كورونا بسيدي افني

محمد أنفلوس

ماذا يعني أن يصاب المدافع الاول عن اقليم سيدي افني في حربه ضد  فيروس كورونا؟ ماذا يعني ان يخترق الفيروس حائط الصد الأول ؟

مناسبة هذا القول خبراصابة المندوب الاقليمي للصحة الاستاذ المختار زبيلا بفيروس كورونا  .عندما تلقيت الخبر تبادر الى ذهني مباراة الريال مدريد حين خاضت الربع النهائي بدون قلب دفاعها راموس فانهزمت بسبب اخطاء الدفاع عندما غاب عنه قائده. صحيح أن مع السيد زبيلا والى جانبه طاقم صبور وعملي وكفء لكن عددهم قليل جدا وامكانياتهم شبه منعدمة .وباصابة المندوب سيزداد وضعهم صعوبة لانهم سيفتقدون على الاقل الكلمة المشجعة و العبارة المحفزة والاطمئنان الوازن.

المختار زبيلا يمتاز بخاصيتين : أولهما عناده النبيل الذي ورثه من أصوله الصحراوية لذلك كان شرسا منذ البداية في مواجهة الفيروس .والعاملون في القطاع الصحي بالاقليم يعلمون المعارك التي خاضها من اجل فرض البروتوكول الصحي يكفي انه حاصر مداشر في قلب الاقليم لمدة اسبوعين بسبب ظهور بؤر وبائية ولم يفلح الاستعمار الاسباني في ذلك لسنوات.

أما الخاصية الثانية فهي زهده في هذا المنصب الذي قدم استقالته منه مرتين تم رفضهما في الوقت الذي يتهافت العديدون على ربع امتيازات هذا الكرسي.أعرف أشخاصا ينزلون من كرسي الحلاق وفي داخلهم رغبة في البقاء فكيف بكرسي المندوبية .

منذ الايام الاولى ،شكل المندوب فريقا خاصا .هذا الفريق ضحى ولا يزال يضحي وهو أعزل في مواجهة الجائحة .الذي لا يعرفه الكثيرون ان هذا الفريق يسهر الى الرابعة صباحا في ادخال المعطيات ليستيقظ بعد ثلاث ساعات اي في السابعة لاخذ العينات على طول الاقليم وعرضه وبدون محفزات مادية او لوجستيكية.

أصيب المندوب زبيلا في لحظة حاسمة من تاريخ هذا الوباء . أصيب مع بداية الهجمة الثانية للفيروس .أصابه الفيروس الماكر ربما بسبب قرار صغير غير محسوب. ربما مصافحة شخص عزيز،ربما حمل ملف مستعجل،ربما الجلوس مع مصاب يسأله ويطمئنه ،ربما مفتاح أحد أبواب المندوبية ،ربما انتقال عبر الهواء وربما كل هذا .

المشكل الذي قد يعانيه المواطن الافناوي الذي سمع خبر اصابة المندوب الاقليمي للصحة بالفيروس هو الشعور بالخوف.وهو شعور طبيعي وعادي. والخوف درجات وأشكال أنبله الخوف من الله فقط .

وأول شيء يعرفه الانسان هو الخوف . .يستيقظ الطفل باكياً في الليل باحثاً عن أمه، يلقاها فيهدأ. يخاف ألا يجدها هناك . ثم يتعود فكرة الحضن والعائلة. ويكبر فيتعرف إلى فكرة الأب الذي يوفر الرغيف. ثم يكتشف مخاوف أخرى وسنداً أقوى: الدولة. تلك هي المؤسسة التي تحميه في الخطر الكبير. تحميه من الأوبئة، ومن الذل، ومن الظلم الداخلي والعدوان الخارجي، وإليها يحتكم في قضاياه وإليها يشكو ظلاماته، وبها يحتمي من الغطرسة والاستقواء وشحّ العدالة. الكارثة عندما يفيق ولا يلقاها .

كلنا خائفون على انفسنا وعلى احبائنا وعلى بلدنا الذي ينزف المزيد من مناعته الاقتصادية . وفي نهاية المطاف. فما نحن إلا مخلوقات ضعيفة، متشابهة في كل شيء، يجمعها خوف واحد ومعه كل مخاوفه. 

روى رئيس وزراء بريطانيا هارولد ماكميلان أنه كان قائد فرقة عسكرية في الحرب العالمية الأولى. وكان على الدوام يتصرف امام جنوده بشجاعة وأنفة. وذات يوم وجد نفسه وحيداً بعيداً عن الفرقة: “لم يكن هناك من يراني ولا كان من الضرورة الحفاظ على المظاهر. اخذت ارتجف خوفاً”.

نتمنى الشفاء العاجل للمندوب زبيلا ،فلا تزال معركة سيدي افني ضد كورونا مستمرة وهي في حاجة بعد الله الى قلب دفاع على الاقل يطمئنها.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة