شاهد ماشافشي حاجه

22 سبتمبر 2018
شاهد ماشافشي حاجه
شاهد ماشافشي حاجه

 

Capture-d’écran-2018-09-09-à-20.50.32

في وثيقة موقعة ومثبتة الامضاء بجماعة سيدي افني  يشهد العضو بالجماعة نفسها (عبد.بو ) عن حزب الاستقلال، بأنه مدين للعضو  ر.ب  عن حزب الاصالة والمعاصرة بنفس الجماعة، بملغ مالي قدره مليون درهم.

وإذا كان المستشاران يسعيان  الى “تبرئة  ذمتهما”  من خلال هذه الوثيقة الموقعة بتاريخ 6 شتنبر 2018، إلا ان التوقيت  ينتصب كشاهد نفي ضد الاثنين معا، و ينفي عنهما “قرينة البراءة”، و  يضعهما بالتالي  في قفص الاتهام لكون  السياق السياسي في تلك المرحلة  كانت تطغى عليه، كما يعرف الجميع، التحضيرات و اللقاءات السرية والعلنية من اجل استقطاب العدد اللازم من  الاعضاء المزاولين لمهامهم الذي يسمح قانونيا بتقديم  ملتمس مطالبة الرئيس بالاستقالة  بموجب المادة 70 من القانون التنظيمي 114.13،  وهو الامر الذي  يفرض  من حيث المبدأ الابتعاد عن  كل ما من شأنه أن يوقظ  الشكوك المشروعة و الشبهات المثارة حول  مسار عملية  تكتسي قدرا كبيرا من الاهمية.

قد يقول قائل من المقربين “بإحسان”  أن الامر لا يعدو ان يكون  قرضا ماليا  بين شخصين عاقلين   تربطهما علاقة صداقة أو شيئا من هذا القبيل، بحكم تمثيليتها داخل المجلس البلدي، غير ان الواقع هنا  سياسي بامتياز  لذلك فهو  يختلف تماما عن المعاملات العادية بين المواطنين، التي لا تأخذ ابعادا سياسية،   أما القضية  -والحالة هذه-  تتعلق  بمنتخبين  من المفروض  ان يتمتعا بالأهلية والحرية والاستقلالية  في اتخاذ القرار، وأي اختلال لهذه القاعدة سيفضي بالضرورة  لتداعيات خطيرة في تدبير الشأن المحلي قد  تتهدد المصالح العليا للمواطنين، هذه الاخيرة التي تهددت بشكل فعلي بسبب وجود  رئيس لم تستطع ما تسمى المعارضة  تنحيته، رغم وجود الشرط القانوني لذلك، لكونها عمليا فاقدة للشيء الذي تريد أن تعطيه، وعاجزة عن تقديم بديل حضاري  حقيقي يعيد الامل في التغيير الذي طال انتظاره.

لذلك فتضارب المصالح شان لا جدال في وجوده في هذه الحالة حيث ان فعل  الدين ، بصرف النظر عن المبلغ الكبير المشار اليه في الوثيقة، وحتى دون الحديث عن أسباب النزول المعروفة، فالفعل بحد ذاته  تم بين مستشارين  من الطبيعي ان  تنشأ عن علاقتهما المشحونة سياسيا  نتائج قد تلقي بظلالها في النهاية  على مسار التسيير  داخل الجماعة، وهو ما يجعل هذه الاخيرة عرضة للضرر الكبير الذي قد يلحق بها  بسبب قرب المستشارين من موقع القرار ومشاركتهما بشكل غير مباشر في صناعته  من داخل دورات المجلس التداولي.

  فحالة “تضارب المصالح”  Conflit d’intérêts  ، تستوجب من حيث المبدأ عدم  الجمع مع الصفة و تحقيق المصلحة مع منتخب اخر، وهو الواقع الذي يفتح الباب امام اسئلة مشروع من قبيل:

هل كان العضو ر. ب، الذي دخل بالمناسبة  المجلس لاحقا على خلفية القرار القضائي الذي أمر  بإعادة الانتخاب في الدائرة  11  لكون ممثلها السابق كان  فاقدا للأهلية الانتخابية، سيقدم هذا القرض المالي الكبير لع.ب، الذي “تربطه” به  مصالح سياسية، لو لم يكن هذا الاخير  عضوا كذلك في المجلس؟

وهل ياترى سيكون بمقدور عضو جماعي الدفاع عن مصالح الجماعة على حساب مصلحته الخاصة التي “تربطه”

!رهينة لدى   مستشار جماعي  منافس بموجب الالتزام الذي يشهد على كونه مدينا  بمبلغ  قدره مليون درهم؟

أنا أشك في ذلك.     

غير أن المؤسف في هذه القضية برمتها أننا  شهدنا جميعا  على أن   الحزبين المعنيين بهذه الفضيحة المدوية لم يتحمل أي  منهما  مسؤوليته السياسية، ولا  بادر الى اتخاذ الخطوات اللازمة في اتجاه التحقيق في ملابسات “تورط” المستشارين و  ترتيب الجزاءات الملائمة تبعا لذلك ، وهو ما يكشف عن  زيف الشعارات و وغياب الاخلاق السياسية  لممثليهم الذين يصدعوا رؤوسنا بتدويناتهم التافهة والتزامهم المتكرر  بإحداث تغيير في  الممارسة الحزبية.

لقد تقمص كل منها دور “شاهد ماشافشي حاجه” في هذا المسلسل السياسي الماساوي الطويل في تعبير لا يحتاج لمزيد من الوضوح  عن عدم احترامهم للدستور من جهة،  الذي يربط المسؤولية بالمحاسبة، ومن جهة ثانية عن احتقارهم لذكاء   الشعب الذي منحهم الثقة على أمل ان يكونوا عند حسن الظن، ولكن  يبدو للأسف  ان اخر شيء يمكن انتظاره  هو وقوع  تغيير على مستوى  هذه العقليات المتآمرة والمتضامنة فيما بعضها  على مصالح  البلاد والعباد.

لذلك فاذا كان هناك من شهادات اخرى   تعبر عن  هذا الوثيقة  فهي من دون ادنى شك شهادة وفاة تجربة كان    ل”الشكارة” دور كبير في رسم خارطتها ، بالإضافة الى شهادة  وفاة الحس الوطني والأخلاقي لدى هذه الاحزاب السياسية التي ماعادت تكترث لما يقع بسببها يوميا بما في ذلك الانخفاض غير المسبوق في منسوب الثقة للشعب في المؤسسات|، واتساع دائرة المقاطعة التي لا تخدم في النهاية سوى جيوب مقاومة  التغيير.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة