جداريات إفني، إلى أين؟!

24 أغسطس 2020
جداريات إفني، إلى أين؟!
جداريات إفني، إلى أين؟!

ارتدت جدران كورنيش إفني رداء جميلا طرزته لوحات فنية بمرجعيات مدرسة الفن الانطباعي ومدرسة الفن الفطري والمدرسة التكعيبية بمضامين من الانتصارات والانهزامات والآمال والفرص الضائعة والتي يخشى ضياعها.
يذكرنا هذا العمل بجداريات أصيلة في مهرجانها الثقافي المشهور عالميا، الذي ولد منذ سبعينيات القرن الماضي.
وأنت تتجول بكورنيش إفني تستوقفك كل جدارية لتقرأ فيها إصرارا ما على شيء ما لتخطي حواجزا تضل مبهمة، أحيانا يبدو إصرارا فوضويا وأخرى إصرارا متآلفا متناسقا، ينطق بكل تواضع وبكل عفوية وبكل أناقة متكلما إلى حد بعيد بلسان ناس إفني.
بعد أزيد من أربعين سنة من الخط والرسم يهجر إبراهيم شاكر المدرسة الطبيعية إلى مدرسة الفن التجريدي المعاصر حيث صادف ذاته كما يحلو له أن يقول. مكنته هذه التجربة من كشف أشبه بالتجلي والحلول الصوفي، شاركنا بعضا من ثمارها في هذه الجداريات التي ثوتق لحظات التحول واكتشاف الذات في مكان وزمان متحول. بينما يبدو عبد الله أضرضور مزاوجا في جدارياته بين مدرا س متعددة من واقعية وسريالية وتكعيبية وانطباعية والكاليكرافية في رحلة البحث عن الذات.
ولا تكاد تخرج من المشترك الإنساني بتعدد الألوان والأشكال منها ما يسبح في المحدود وفي اللامحدود دون أن تمل أو تضجر حتى يسلمك إبراهيم شاكيروعبدالله أضر ضور لرشيد الرقطي فتدخل رحلة أعماق المحيط وجمال مخلوقاته والسفر اللامتناهي بألوانه المطهرة في سماء الكواكب حيث المجهول والجمال والتجلي الأكبر، وظل رشيد طوال كل هذه الرحلات وفيا للمدرسة الإنطباعية والواقعية وما يكاد يتقدم بقدم نحو الفن المعاصر حتى يتراجع مؤجلا مغامرته وعلى نفس النهج سار أزركي مركزا على خط التماس بين الحياة المتدفقة بقوة السيل الذي يشق مجراه في صخرة الواقع العنيد بإصرار يشتد ويخف .
يحل ضيفا في لحظة مناسبة يتوقف يتأمل يتذوق يحادث ينخرط في رسم جدارية، إنه فنان قادم من إفريقيا، يوقع جداريته بعلامة الفيس بوك وباسمه، وجه افريقي يتصدر اللوحة الفنية وراءه عمران ومدنية وحياة لم تخرجه ولم تخلصه من أعوام المعاناة مع الغربة في الوطن المسلوب من طغاة بني جلدته، إنه إصرار على اكمال مسيرة هجرة الذات المهزومة.
مرفقا بوالديه يتأمل الجداريات، يطلب من رشيد الرقطي المنهمك في رسم جداريته أن يسمح له بالمشاركة ويعين له مكانا ويعيره أدواته، لم يتردد رشيد في الاستجابة لمطالب الطفل الزائر بل أضاف ما لم يطلبه الطفل بان قدم له ما احتاجه من المواكبة والتوجيه لتتم فرحته وفرحة أسرته، ولا أحد سيشك أن هذه الزيارة لإفني لا كمثيلاتها في ذاكرة هذا الطفل.
بموهبة متدفقة تفرغ نجاة الضالع في أول تجربة لها في هذا المعرض الفني الشعبي انطباعية ترقى إلى الإحتراف .
شكلت هذه الجداريات خطوة في اتجاه مشروعية طرح جملة من التساؤلات:
ما الذي يمنع النخبة الافناوية من تحريك المشهد الثقافي والفني المعطلين بإفني وخلق فرص لهؤلاء الفنانين وغيرهم لإبراز قدراتهم مساهمة في تعزيز جمالية إفني؟
ما الذي يمنع من تعميم هذه التجربة على جميع الفضاءات العامة من شوارع ومدارس وثانويات ومستشفيات و واجهات البيوت الخاصة والتعاقد مع هؤلاء الفنانين المحليين في إنجاز هذه المهمة النبيلة التي سيكون وقعها مهما على تسويق سياحي لإفني.؟

أحمد زاهد

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة