
محمد سالم الطالبي
اذا كان الخليفة الذي اعتدى على امرأة في خريف عمرها في ميناء سيدي افني يعتقد ان المشكلة انتهت بصفح هذه الاخيرة عنه في درس انساني يصفع به المظلوم ظالمه، فعليه ان يدرك ان مشكلته القانونية لم تنته بتاتا، على العكس فمسؤوليته عن فعلته قائمة و مجرم من ساهم باي شكل من الاشكال في السكوت عنها او التغطية عليها.
كما ان مسارعة هذا الاخير لانتزاع “المسامحة” من مرأة مغلوب على امرها، انما هو شكل من اشكال استغلال النفوذ الذي يستمده الخليفة من السلطة الذي يفترض ان يتسلح بها في اعمال القانون لا التحايل عليه و سوء استغلاله.
فهذا السلوك المرفوض الذي يؤكد حالة الاعتداء انما ينم كما يبدو واضحا عن النظرة الدونية للقانون التي يتعامل بها امثال هؤلاء المسؤولين، من خلال خروجهم عنه، مقحمين الدولة برمتها في موقف حرج امام المنظمات الحقوقية المسيسة واصحاب الاجندات الخارجية التي تبحث عن اي شماعة لتعلق عليها فشل مشروع الاصلاح الحقوقي بالمغرب امام انظار العالم تحضيرا لسلخه تحت سيف الابتزاز الدولي الذي لم تعد خلفياتها تخف على احد.
لهذا فوجود هذا الخليفة لم يعد مرحب به بالمرة في مدينة ذات حساسية عالية كسيدي افني تحملت ما لا طاقة لها جراء لعبة خلط الاوراق الحقوقية بأخرى سياسية لدرجة ان الكثير من القضايا العادلة فقدت مصداقيتها من شدة الاستعمال السياسي المريب.
و الواقع ان الخليفة الذي لا ادري بالمناسبة سر الحظوة التي يتمتع بها من طرف عامل الاقليم دون غيره من رجال السلطة، لدرجة ان هذا الاخير جيش كل بيادقه من اجل انقاذ خليفته من الورطة التي وضع نفسه فيه، يتجاهل هذه المشكلة التي ما انفكت تعرض مصالح سيدي افني و البلد بشكل عام الى هجومات مسيسة من الداخل والخارج بهدف النيل من سمعة البلد اولا و من جهة ثانية من سمعة كل المومنيين بجدوى مشروع اصلاحي بمن فيهم الحقوقيين الملتزمين الذين يقبضون على الجمر بالداخل و يرصدون الخروقات و يعلنون بشكل حضاري عن موقفهم دور خوف او خجل، مثلما فعل فرع الجمعية المغربية لحقوق الانسان بسيدي افني عندما عبر عن موقفه المندد بهذا الاعتداء الجبان في انسجام واضح يعبر عن ثقافة حقوقية تناضل من اجل الحفاظ على استقلالية الحقوقي عن التأثير السياسوي في حقوق الانسان، وهو التاثير الذي يجد حرجا في استغلال اي شيء من اجل تصفية حساباته الاديولوجية مع النظام معتبرا ان كل من يخالفه الراي مجرد صوت يغرد خارج سرب المناضلين الصناديد، كما لو ان كل هؤلاء الحقوقيين الذين يمارسون يوميا عملهم باستقلالية والتزام ليسوا في نظر هؤلاء المتنطعين سوى حفنة من لماعي الاحذية و الحريصين على بقاء الامور على حالها.
والحقيقة ان وزارة الداخلية في تهميشها لآرائنا التي نعبر عنها حول الكثير من القضايا التي تشكل صلب اهتمام الراي العام، تنخرط في هذا “الحزب السياسي” و تسهم من جانبها في اطالة عمر هذه “المشكلة السياسية”، بل و تزيد من احراج كل من يعتقد ان هناك اذانا صاغية للدولة فيما يتعلق بأخطاء كارثية لمسؤوليها في حق المصلحة العامة و في حق المواطنين الذين يجدون انفسهم مجبرين على تبني اليأس كخيار وحيد و الارتماء بالنهاية في حضن الخطاب العدمي الذي ينجح في نسف كل جسور الثقة و حرق كل اوراق المصالحة و التصالح مع امكانية التغيير.
ولا تقف المشكلة والحالة هذه عند هذا الحد ، فالأحزاب السياسية التي يفترض فيها ان تكون في طليعة المشاركة في توضيح الصورة وتأطير المواطن و الانتصار لموقع المظلومية من خلال اتخاذ الخطوات الحضارية ضد واقعة المرسى، نأت بنفسها عن كل ما يجري ويدور و كان الامر لا يعنيها بالمرة، طالما ان الضحية هذه المرة امرأة فقيرة وليس شخصا يشتم منه رائحة “الوجبة” الانتخابية، و هذا لوحده يكفي ليدرك المرء ان الازمة الحقيقية التي تضرب المدينة و الاقليم و الجهة لا علاقة لها بالتقطيع و لا الانتخابات كون هذه الاخيرة الية ديمقراطية تسهم في التداول السلمي على السلطة، بقدرما تعود الازمة في الواقع الى المشكلة السياسية وحده و التي تدفع الاحزاب السياسية الى انتقاء المعارك بحس انتخابي مرهف حسب ما يقتضيه توقيت المصالح، الامر الذي ينزع صفة المصداقية مع كامل الاسف عن خطابات المشاريع السياسية و الديمقراطية وهلم جرا من الشعارات التي تتغنى بها في مناسبة او بدونها.
و”بالعاربية تعرابت”، حتى تنتهي هذه المشكلة، “اللي عندو ما يعطي من وقتو و عقلو مرحبا واللي ماعطاوهش يعطينا بالتيساع”. و هذا اضعف الايمان