
بقلم عزيز زربان
دخلنا إلى الحجر الصحي لنجد أنفسنا نسافر عبر الزمن للبحث في ذكريات الماضي البعيد …صور الطفولة، الأصدقاء، العطل،المدرسة وغير ذلك …جميل جداً
نحن لم نكن بخير في زمن ما قبل الكورونا كما تظنون بل كنا نسابق الزمن في كل شيء كأننا نحن من يحكم الكون ويتحكم في قانون الطبيعة ويمكن له تغيير ما كتبه الله له…
لم يكن لدينا أبدا الوقت الكافي للأبناء ، للعائلة، للأصدقاء ، للأكل ، للعطلة ،للعبادة ، للعمل لم يكن الوقت كافيا لسبب وحيد هو أن المال أيضا غير كافي وهكذا وجدنا أنفسنا في دوامة يجسدها المثل الفرنسي
le serpent qui se mange la queue
المال غير كافي لشراء ما أسسنا له كمظاهر للنجاح : سيارات ، شقق و فيلات وشاليهات ، ماكدونالد، بيتزا ،هواتف بالانواع والألوان والاشكال ، عطل في تركيا واليونان ، ألبسة للعرض لا للستر والقائمة طويلة ….
لم نكن بخير لأننا كنا نعيش بالأقنعة ونُغيرها حسب الحاجة.
تركنا كل شيء جميل كان يؤثث حياتنا البسيطة ، تنازلنا في زمن العولمة عن القيم والأخلاق ، التربية والمواطنة، التضامن والتسامح والأهم من ذلك تنازلنا عن سعادتنا مقابل نمط عيش غريب عن تقاليدنا وقيمنا وتهنا كما في حكاية الغراب والحمامة.
لم نكن بخير لأننا تنازلنا عن بقال الحي ، جزار الحي ،خضار الحي ظنا منا أنه يفرض علينا ذوقه وثمنه …
سرنا بعيون مغمضة إلى المتاجر الكبرى حيث يهيء إلينا أننا نشتري بحرية و باثمان مغرية …
لم نكن بخير لأننا تنازلنا عن حلاق الحي ، وكسال العائلة بالحمام الشعبي وسرنا بخطى سريعة إلى صالونات الحلاقة والتدليك و xx … سرنا إليها كدليل على أننا “موديرن.”
لم نكن بخير لأننا غادرنا حياتنا البسيطة مع العائلة ، الجيران والأصدقاء والتي كانت كلها سعادة، صدق ،و حرية …
سرنا بعيون مغمضة ، بقيود و بكثير من كلمات السر إلى حياة إفتراضية بآلاف الأصدقاء لا نعرف منهم إلا القلة.. ننتظر جيماتهم ، تعليقاتهم وأخبارهم ، نبادلهم التهاني وكذلك التعازي…….
أدركنا ونحن في الحجر الصحي أننا لم نكن أبدا بخير …..
تصبحون على خير