تُبنى البيوت على صبر النساء

23 أبريل 2020
تُبنى البيوت على صبر النساء

محمد أنفلوس

من أجمل الخلاصات التي أقنعنا بها هذا الحجر الصحي ، أن البيوت تُبنى على صبر الزوجات والامهات والاخوات.

هذا السجن الاضطراري في البيوت أكد لنا أن الأب هو الشخص الذي يأتي في المرتبة الثانية في حياة الأسرة بعد الأم.
مع مرور الوقت اقتنعنا انه ترتيب منطقي و عادل.

عندما يتشاجر الأبناء الصغار ،يتدخل الأب ليحل المشكلة بنفس الطريقة التي يتدخل بها اي رجل ليفض نزاعا بين نادل مقهى وزبون يرفض تأدية الثمن المرتفع لكأس القهوة أثناء مباراة المدريد وبرشلونة.
يستعين بالحكمة و صوت العقل و مطالبة كل طرف أن يكبر عقله ويوسع خاطره.
طبعا يفشل .. وتأتي الأم تتدخل بجملة غير متوقعة تنهي النزاع في رمشة عين .. جملة تتضمن قدرا من التلميح بالمكافأة أو بالعقاب الذي هو الحرمان من كذا لو الشجار لم ينتهي في ثوان.

الأب في أعماقه رجل .. و الرجل طبعه ضيق و ينفلت من اقرب الناس اليه ليختلي بنفسه .. ينفلت من زوجته أو أمه وينسحب الى كهفه ليتنفس ملء رئتيه.لذلك تُبنى البيوت على صبر النساء.

الرجل طفل كبير.. لذلك فان الأزواج خصوصا في هذا الحجر الصحي، هم أكثر إرهاقا للمرأة من الأبناء.لذلك أعتقد أن النساء اكتشفن الآن قيمة المقهى ومباريات كرة القدم، وفوائدهما على صحتهن النفسية .ولن يكون غريبا ،بعد انتهاء هذه الأزمة أن تدعو المرأة لزوجها بالتوفيق والسداد كلما أخبرها أنه ذاهب لمشاهدة الكرةبل قد تطلب منه أن يأخذ كل وقته في مشاهدة المباراة والاستوديو التحليلي وحتى الإعادة…

الام لها قدرة عجيبة على الارتجال لانقاذ الموقف في اللحظات الحرجة لأبنائها ،لذلك لن يفهم الاب أبدا لماذا تجيب الأم بدون أن تشعر على أسئلة المعلمة على الواتساب حين يعجز ولدها.

فهي تحاول دائما الاعتناء بطفلها ولكن دون السماح بأى قدر ولو ضئيل من المخاطر، عكس الأب، الذى غالبا ما ينتهز فرصة غياب الأم ليستمتع بالفوضى مع أطفاله ويشقلب البيت رأسا على عقب .

يلهو الابن طيلة النهار لا يقطع لعبه سوى محطات اجبارية للإفطار والغداء وكوب الحليب ، وحينما يحل المساء تجبره الام على تناول طعام العشاء وهو نصف نائم قبل ان تضعه برفق في سريره وتحكم الغطاء .

لو كان على الاب لوجدته هو وابنه مستلقيان حيثما غلبهما النوم .لذلك تجد كلمة ماما هي الاكثر ترديدا في البيت ويكفي الام فخرا انها هي الأقرب إلى الله،فهي من علمتك الصلاة وليس الاب.

أعتقد أن الجنة تحت اقدام الأمهات لأنهن يمضين العمر كله وهن يجرين بأقدامهن خلف أولادهن ،صغارا كي يأكلوا و يراجعوا دروسهم و يشربوا الدواء ويلبسوا المعطف مخافة البرد وكبارا كي يجدوا عملا و يتزوجوا وحتى عندما ينجبون يستمر الجري وراء الاحفاد بنفس الاصرار و نفس المحبة .

سيعلمنا هذا الحجر الصحي أن نضيف الى هذا الدعاء الذي يتوارثه المغاربة منذ سنين :الله يسمح لينا من الوالدين وحتى الزوجات و الاخوات , لأننا تأكدنا أخيرا أن كل البيوت تُبنى على صبر النساء..

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة