نون بوست-وكالات
أصبحت المستشفيات حول العالم في حاجة ماسة إلى أجهزة التنفس الصناعي لمساعدة مرضى فيروس كورونا المستجد “كوفيد-19” الذي بات يتفشى بوتيرة متسارعة في أوروبا والولايات المتحدة خاصة، فكيف تعمل هذه الأجهزة، وهل بقاء المصاب بكورونا تحت التنفس الصناعي يبقيه على قيد الحياة بالضرورة أو أن هناك عوامل أخرى قد تؤدي إلى وفاته؟
هذه الأسئلة وغيرها نجيب عنها في هذا التقرير المفصل، والذي صغناه في عشرة أسئلة:
1- ما طبيعة جهاز التنفس الصناعي؟
جهاز التنفس الصناعي Ventilator هو آلة توفر تهوية ميكانيكية عن طريق نقل الهواء المؤكسج إلى الرئتين، لمساعدة المريض الذي لا يستطيع التنفس وحده أو أن تنفسه غير كاف.
ويمكن أن تنقذ أجهزة التنفس حياة المريض عندما لا يستطيع الشخص التنفس بشكل صحيح أو عندما لا يستطيع التنفس بمفرده على الإطلاق.
2- هل يستخدم بغرض العلاج؟
جهاز التنفس الصناعي ليس علاجا لمرض، ولكنه يستخدم أثناء العلاج لتثبيت حالة المريض، فمثلا في حالة مرضى فيروس كورونا فإن جهاز التنفس الصناعي لا يعالج الفيروس، ولكنه يسمح للمريض الذي تراجعت قدرته التنفسية على البقاء على قيد الحياة، ريثما يتعافى جسمه من الفيروس ويهزمه، أو ريثما تعمل العلاجات الدوائية.
3- ما استخدامات جهاز للتنفس الصناعي؟
هناك العديد من الاستخدامات، يجمعها أن الشخص يكون عاجزا عن التنفس بمفرده أو لا يستطيع التنفس بشكل كاف، مثل:
- أثناء التعافي من الحالات الشديدة من فيروس كورونا المستجد “كوفيد-19” عندما يحدث تراجع كبير في وظيفة الجهاز التنفسي.
- أثناء الجراحة عندما يكون الشخص تحت التخدير العام.
- بعد الجراحة وأثناء التعافي منها، إذ في بعض الأحيان يحتاج المريض إلى جهاز تنفس لمساعدته في التنفس لساعات أو حتى أيام بعد الجراحة.
- أثناء فقدان الوعي.
- الغيبوبة.
- إصابات الدماغ.
- الانسداد الرئوي المزمن.
- وجود عدوى في الرئة.
- الالتهاب الرئوي.
- السكتة الدماغية.
- وجود إصابات في النخاع الشوكي العلوي.
4- كيف يعمل جهاز التنفس الصناعي؟
يقوم جهاز التنفس الصناعي بإدخال الأكسجين إلى الرئتين وطرد ثاني أكسيد الكربون، ويشمل ذلك استخدام أنبوب يربط جهاز التنفس الصناعي بالمجاري الهوائية للرئة عن طريق الفم أو الأنف، وهذا ما يسمى “التنبيب” (intubation).
5- لماذا يحتاج بعض مرضى كورونا إلى جهاز التنفس الصناعي؟
حتى نجيب عن هذا السؤال يجب أن نشرح ماذا يفعل كورونا للرئتين، إذ يهاجم الفيروس مجموعتين محددتين من الخلايا في الرئتين، وهي الخلايا الكأسية (goblet cells)، والخلايا الهدبية (ciliated cells).
وتنتج الخلايا الكأسية المخاط الذي يشكل طبقة مرطبة على القناة التنفسية، وهذا أمر مهم للمساعدة في الحفاظ على رطوبة الرئتين، وبالتالي الحفاظ على الصحة.
أما الخلايا الهدبية فهي خلايا لها شعيرات تتجه نحو الأعلى، ووظيفتها أن تقوم بتجريف أي مادة مؤذية عالقة في المخاط مثل البكتيريا والفيروسات وجزيئات الغبار، باتجاه الحلق للتخلص منها.
ويقوم فيروس كورونا بإصابة هاتين المجموعتين من الخلايا ويبدأ في قتلها، وتبدأ أنسجتها بالسقوط والتجمع في الرئتين، وتبدأ الرئتان في الإصابة بالانسداد، مما يعني أن المريض يصاب بالتهاب رئوي.
أيضا هناك مشكلة أخرى، وهي أن جهاز المناعة في الجسم يحاول الرد لأنه يدرك أن الجسم يتعرض للهجوم، وقد يؤدي هذا إلى فرط في المناعة، وعندها يقوم جهاز المناعة بهجوم كبير يؤدي إلى إتلاف الأنسجة السليمة في الرئة، وهذا أيضا قد يجعل التنفس أكثر صعوبة.
ومع تراجع القدرة على التنفس يحتاج المريض إلى جهاز التنفس الصناعي، وإلا فإنه قد لا يستطيع البقاء على قيد الحياة.
نلفت هنا إلى أن المعطيات تشير إلى أن 80% من المصابين قد لا تظهر عليهم أعراض أو تكون أعراضهم خفيفة، وأن 20% فقط يحتاجون لدخول المستشفى، منهم 5% تصبح حالتهم حرجة، و1-2% يموتون.
ووفقا لغرفة العمليات المختصة بمواجهة تفشي فيروس كورونا في روسيا، فإن حوالي 40% من المرضى المصابين بفيروس كورونا في موسكو الذين تتم معالجتهم بأجهزة التنفس الصناعية للرئتين تقل أعمارهم عن 40 عاما.
6- كم الفترة الزمنية التي يحتاجها مريض كورونا تحت جهاز التنفس الصناعي؟
وفقا للدكتور جوشوا دينسون، وهو اختصاصي أمراض الرئة والحالات الحرجة، في تصريح لشبكة إن بي سي نيوز، فإن معظم مرضى كورونا عادة ما يستخدمون أجهزة التنفس لمدة أسبوع إلى أسبوعين.
7- هل بقاء المصاب بكورونا تحت التنفس الصناعي يبقيه على قيد الحياة بالضرورة أو أن هناك عوامل أخرى قد تؤدي إلى وفاته؟
يجب التأكيد هنا أن استخدام جهاز التنفس الصناعي يعني إنقاذ حياة المريض، الذي من دونه لن يستطيع التنفس.
ولكن مع ذلك ومع استخدام أجهزة التنفس الصناعي قد تحدث وفيات وبنسبة أقل، ويعتمد ذلك على عوامل أخرى مثل سن المريض ومدى الضرر الذي لحق بالرئتين من فيروس كورونا وما إذا كان المريض يعاني من أمراض مزمنة.
فجهاز التنفس الصناعي حاسم في رعاية الشخص الذي يعاني من الفشل الرئوي الذي يصيب المريض في حالات الإصابة الشديدة بكورونا، لكنه لا ينقذ أرواح المرضى بالضرورة.
8- هل العالم مستعد؟
هناك مخاوف جدية من أنه في حال حدوث ارتفاع كبير بأعداد المصابين بفيروس كورونا فإن المستشفيات ستمتلئ ولن تعود هناك أجهزة تنفس صناعي كافية، مما قد يقود إلى حدوث وفيات. ولذلك تحاول الحكومات في مختلف دول العالم زيادة عدد ما لدى خدماتها الصحية من أجهزة التنفس الصناعي.
مثلا في ألمانيا، حذر رئيس معهد روبرت كوخ، لوثار ويلير، الأحد الماضي من تجاوز أعداد المصابين بفيروس كورونا عدد أجهزة التنفس الصناعي في مستشفيات البلاد، داعيا إلى أخذ هذا المعطى بالحسبان.
وأضاف “يتوجب تهيئة المستشفيات بأفضل شكل ممكن.. ورفع الطاقة الاستيعابية لوحدات العناية المركزة إلى الضعف على الأقل، لاستيعاب أكبر قدر ممكن من مصابي كورونا”. وشدد ويلير على أن بلاده ما زالت في بداية الوباء، داعيا إلى أخذه على محمل الجد.
وبحسب معطيات دائرة الإحصاء الألمانية، فإن البلاد تضم 28 ألف وحدة عناية مركزة.
وفي الولايات المتحدة، طالب المسؤولون في ولايات تضررت بشدة من فيروس كورونا إدارة الرئيس دونالد ترامب وشركات التصنيع التعجيل بإنتاج أجهزة التنفس الصناعي للتكيف مع زيادة في عدد المرضي الذين يحتاجون للتنفس الصناعي.
وقد غرد الرئيس الأميركي دونالد ترامب على تويتر معطيا الضوء الأخضر لشركات فورد وجنرال موتورز وتسلا للمساعدة في تعزيز إنتاج أجهزة التنفس الصناعي.
9- كيف استجابت الشركات الطبية لهذه الأزمة؟
تكاتفت شركات عالمية للمساعدة في إنتاج أجهزة التنفس الصناعي لسد النقص الشديد، ولمساعدة مصابين بالفيروس في البقاء على قيد الحياة.
فمثلا قالت شركة فورد موتور الاثنين، إنها ستنتج خمسين ألف جهاز تنفس صناعي خلال المئة يوم المقبلة بمصنع في ميشيغان بالتعاون مع وحدة الرعاية الصحية في شركة جنرال إليكتريك ويمكنها بعد ذلك صنع ثلاثين ألف جهاز شهريا حسب الحاجة لعلاج المرضى المصابين بفيروس كورونا.
عن الجزيرة بتصرف