
بطبيعة الحال ، هو فيروس خطير لا نعتقد في العادة إلا أن له مضار اكثر من منافع..لكنهم قديما قالوا:”رب ضارة نافعة”..
نرى انه من الواجب أن ننظر لما لا يُنظر إليه عادة مادام أن السائد هو اللغط إلى حد “التواصل في الغلط” الذي يملأ “النقاش” العمومي للمشكلة عبر وسائط و مواقع التواصل.
لنكتشف إذن الجزء الفارغ من كأس كورونا ،فنرى حلوه ومرّه أيضا.
ـــــــــــــــــــــــــــ
جعلنا هذا الفيروس العظيم نكتشف أن “السلوك الفرداني” الأناني صار متضخما فينا ، فسلوكاتنا و نحن نمر على الصيدليات و المحال التجارية لإفراغها بما يفيض عن حاجاتنا دونما اكتراث لحاجة الآخرين ، و السلوكات غير المواطنة لـ”بعض” التجار صغارا و كبارا استغلالا للأزمة ، كلها تؤكد أن “تربيتنا” ليست بخير…
كورونا ،وبعد مروره الثقيل أو الخفيف ، سيربينا و يعيدنا إلى تذكر “نفاقنا” تجاه أنفسنا و ابنائنا ومجتمعنا…
و الأهم ،أن اول دروسه إعادة تربيتنا على اهمية النظافة…
ــــــــــــــــــــــــــ
منظومتنا الصحية ،وهي جزء من نظام خدماتي ضعيف ، تعيش مشكلتها شبه “الصامتة”..و كأننا نرى العاملين و أوصياء القطاع وهم يضعون ايديهم على قلوبهم خوفا من الآتي… و يكفي التمعن في التصريح بـ280 سريرا..!
كورونا أعادنا و سيعيدنا إلى طرح السؤال عن المكانة الحقيقية للمنظومة الصحية الأساسية في البلد..إنه سيعيد تربيتنا أيضا في هذا المجال… سيعيدنا إلى النقاش الذي انتصرت فيه أرقام الاقتصاد على الخدمات الاجتماعية ،وسيقنعنا مثلما يفعل الآن في الولايات المتحدة و أوروبا و غيرهما بأن الخدمات الصحية ليست “قطاعا غير منتج” ، و سيعود الوعي بأهميته في الحفاظ على الأمم…
ـــــــــــــــــــــــــ
اكتشف تعليمنا ووزارته أخيرا أنهما على عكس اتجاه التاريخ.. وتفاجأنا بكم البلاغات المصاحبة لقرار توقيف الدراسة “الحضورية”..إنها تكشف التخبط رغم أنه يراد لها أن توضح أن عملا “جبارا” ينجز!
لماذا لم يظهر “التعليم عن بعد” كاستراتيجية (تخلو منها الرؤيات الاستراتيجية و المخططات الاستعجالية للتعليم) إلا بعد مستجد فيروس كورونا؟! فالدول التي اعتمدته بعد توقيف الدراسة كانت مستعدة له أتم الاستعدادا ماديا و بشريا و لوجيستيا ،بينما نحن لازلنا على سجيتنا و خصلتنا في الارتجالية و التسرع و “اقضي الغرض”… فالدروس المصورة كان يجب أن تكون منجزة ،و الوسائط كان من الواجي أن تكون معدة بهذا الظرف الطارئ أو بغيره…
على اي ، سيعطينا فيروس كورونا فرصة لتطوير الوسائلو توفيرها و لجعل التعليم عن بعد ضمن السياسة التعليمية.. بالطبع غن نحن استفدنا من هذه التجربة!
ـــــــــــــــــــــــــــ
اكيد أن فيروس كورونا اصبح فرصتنا التاريخية لترميم ذواتنا و إعادة تربيتنا أفرادا و مجتمعا ، و فرصتنا لإصلاح منظومتينا الصحية و التعليمية التي قال بعض التافهين يوما أنهما قطاعان غير منتجين!
أكيد اننا سنقول يوما لهذا الفيروس الرشيق الأنيق النظيف المربي :
شكرا كورونا!
محمد المراكشي،
مع التحية.