
بطبيعة الحال ،هذا هو الأمر الوحيد الذي لا يسع احدا في هذه البلدة الصغيرة أن يحيل مسؤوليته على جهة ما.. فلا دخل لأحد هنا بما يقع هنا في هذا التغير المناخي.
ذكرياتنا الطفولية ، و ذكريات الأكبر سنا بمن فيهم العابرين يوما من هذا المكان ، تسجل أن مدينة سيدي إفني كانت إلى عهد قريب مدينة دافئة.. صيفا..و الأهم ، شتاء كذلك.
الآن تغير كل شيء.
و أنا أطالع درجة الحرارة امس ، صباحا ، تفاجأت كثيرا و انا اجد حوابا لهذا “الكَريس” الذي اصبح يجتاح المدينة الدافئة.. و لازلت احتفظ بذاكرتي لأسوإ فصل شتاء أحسست به هنا سنة 2006 ، حيث ظننت حينها أنها مجرد “سحابة برد” عابرة…
لكنها استقرت ، و اصبح شتاء سيدي إفني باردا جدا..عاما بعد عام!
بالطبع ، الذين لم يكونوا يصدقون الكلام عن التغيرات المناخية الكبرى التي تطرأ و ستطرأ على الكوكب ، و يعتبرونه كلاما في كلام ، صارت الآن امامهم نتائج حقيقية ووقائع لا يمكن تجاوزها.. و هذه المدينة الصغيرة الهادئة (إلا من زلازل السياسة في ابشع صورها) نموذج لذلك..
لم نكن نتصور أن حرارة سيدي إفني التي لم تكن لتتجاوز الـ21 درجة صيفا ستصل أحيانا إلى أكثر..و الأخطر و الأكثر بروزا هو تخطيها لعتبات النزول إلى 8 و 7 درجات حرارية احيانا في فجر الليل و الصباح …
لم نكن نر هذا “التصخر” الذي يصيب شاطئ المدينة ، و هرب الرمال عن بحرها و هي التي كانت في سنوات طويلة مضت مشكلة..فصار هروبها و تركنا للصخور و الاحجار في أمكنة كانت ترسو فيها الفلك إلى زمن منظور هو الصورة الدائمة..
إن إفني نموذج حي لهذا التغير المناخي ، أما عن الأسباب و المسببين و غيرها من الأسئلة فهي لذوي الاختصاص و “الحل و العقد” البيئي و المناخي…
لكن المشكلة التي سنواجهها نحن من الآن هو أننا يجب أن نتقبل هذا الواقع..و نتأقلم معه.. و الأصعب ، أن نغير عاداتنا في اللباس و الأكل و البناء و دخول عوالم “طرق التدفئة”…
فإفني ،تتحول شيئا فشيئا إلى مدينة باردة….
إنه “الــفْرِيـُّــو” يا بلادي!
محمد المراكشي،
مع التحية.