أدباء باعمرانيون منسيون..

24 أكتوبر 2019
أدباء باعمرانيون منسيون..
سعيد الخضار

35918712-AB26-48C1-9B81-E2FAAC84F5F0

الأديب الشاعر محمد بن الحسين بوكراع العبلاوي(1303/1333هـ  (1885/1914)

ننفض الغبار في هذه الحلقة وما خلفته الأرضة ونمسح بعضا من نسيج العنكبوت ، عن رائد من رواد النهضة الثقافية في ايت باعمران . هو شاعر مغمور تجاهله المؤرخون عن عمد او سهو، إلا صاحب المعسول الذي افرد له ورقات عدة للتعريف بمساهمته  الشحيحة في الحركة الثقافية في ايالة ايت باعمران القرن 19 الميلادي.

نسبه : هو محمد بن الحسين بن محمد بن احمد العبلاوي الباعمراني لقب ببوكراع لعرجه:ولد بدوار بوكراع بقبيلة ايت عبدالله الباعمرانية ، والده الحاج الحسين من اشرس فرسان ” ايت عبلا ” وشجعانها كان فارسا مغوارا لايشق له غبار وكان حافظا
لكتاب الله استشهد في معركة ( الجنرال ) (1) التي اندحر فيها القائد (حيدا مايس ) وهي معركة خالدة سننبش أوراقها في القادم من الأيام إذاأحيانا الله .

مأخد ه للعلم : بعد تدرجه في مسجد قريته التحق بالمدرسة ( الإلغية ) لتعزيز معارفه الدينية ونهل من ينابيع أمهات الكتب ودررها.

كما اخذ العلم عن الفقيه ( الاكراري ) و كانت له حظوة معتبرة لدى أستاذه بنفس المدرسة ( الأستاذ التجرومنتي ). قال عنه احد معاصريه من أدباء ذلك الزمان :

” أديب حسن ممن كرع في المدرسة الالغية شارك العلماء في مثافنة المعاني والمناضلة في القوافي ،يحزن في أقواله أحيانا حتى ليحس القارئ باحجار الصوان (2)  تتطاير من تحت اقدامه وهو يمشي قدما ولا يبالي … ثم انه خميس (3)المذهب في اختيار

الحوش من الالفاظ ثم ان أحزن في حياته أيضا فلم تسهل عليه الحياة قط ولا ساقته ما لم تسق بعض أترابه….”

نثره وشعره

من درره اخترت ما جادت به قريحته لبعض أصحابه فقال :

الى زبرقان الدياجر(3) ومن هو عندي كغزال حاجر (4) ان القلب قد بلغ الحناجر ولعنة الله على الفاجر ( فلان) ذكره بالاسم  الذي ملاقاته عندي ماء صدى ومرعى السعدان (5) اما بعد السلام الطيب الأرج في ذلك المنعرج فانهي اليك ان قصيدتك وصلتني يوم الجمعة ، فلله درك من ضليع عبل (6) توقد ذهنه بالحطب الجزل ، وقد تكلفت جوابا كانه مرقعة الدرقاوي (7) تفوح بالجاوي ،

وانا أخجل ان اقابل بها حلتك المفوفة ، وقصيدتك المشرفة فاقبل بما هيأته لك الارزاق وهذا نصها :

    أدلت عقاصا كالعنادل سودا      وحواجبا قد زججت وخدودا (7)

وملاغما فيها حياتي لو أرى    بمماسها وشمامها مجدودا (8)

اسرت من التامور ما لايفتدى  أبدا بعقد مؤشر منضودا (9)

      فتنت عيوني فسبت قلبي كما    يسبى ( البشير)بما يقول أسودا (10)

من كان في هذا الزمان مخلفا    بشدى بيان لم يلاق نديدا (11)

بحر خضم والسواء ضحاضح    مستنقعات لا تبل نضيدا (12)

  لله شعر جاءني من عنده          درا على ليت الكعاب نضيدا (13)

 ما شئت من معنى لطيف رائق    كالزرع يعلو تاجه املودا (14)

 او لفظة خمرية فكأنما        احسو الطلى ان جلت فيه نشيدا (15)

لله درك يا (بشير ) فهكذا    بعثرت بين الرجاج لبيدا (16)

فعليك خير تحية من منشد   ما ان يمل لما تشي ترديدا (17)

الى ان يقول نثرا مرصعا يطلب فيه السماح وهذا يدل على علو كعب الشاعر الذي عرف قدره واعتذر لصاحبه ( البشير) بان قال :

“فمسامحة أيها الأخ الفصيح من زند شحيح، يقصر باعه ، وتضيق  بما يريد اضلاعه وتضؤل عن إردبك صاعه (18) ولكن الضرب بالطوب خير من الهروب ، ومن فاته اللحم فعليه بالمرق ،….”

ثم يكاتب صاحبه متباكيا  عن ظروفه في قريته وعن مشاق الحصاد فيقول :

أما بعد فهنيئا لكم بدروسكم المتوالية وافهامكم الهاصرة فالجانية أما نحن ففي سموم ، وظل من يحموم (19) وقد دميت الأصابع بالحصاد (20) ولعن الله كل من هو حصاد ، وما كنت أدري ما معنى . صكة عمى(21) التي أفدتنيها( افدتني إياها) يوما حتى كنت في صيف هذه السنة الحارة الشديدة راسبت ما اذاب مني عصبا والفقيه يوالي علينا من النعم كل يوم ما لا يقدر عليه اكرم قوم لكن ما أصدق الشاعرحين قال:

خبز وماء وظل   ذاك النعيم الاجل
جحدت نعمة ربي ان قلت أني مقل

فاعطني هذه الثلاثة وزد معها  الرثاثة ، مع ما تيسر من الدروس ، مع مثلك من الشموس ،ثم أقول لك : اني في أكمل منى النفس
في جنة الفردوس ،…..الى أن يقول : والسلام عليك ياقرة العين (22) وصرة العين (23) ونور العين (24) وينبوع العين (25)

ومن هو لروحي العين (26) يوم عليك هاطلا، بشرط الا تكون لجوابي ماطلا.

أيها القارئ العزيز هذه نبذة قصيرة باختصار غير مخل لشاعر فذ عاش في بيئة لاتقدر الادب والأدباء أردنا ان ننفض عنها غبار السنين لنرد بعض الجميل لشاعرنا

(بوكراع ) الذي توفي في تيه الحوز غريبا وحيدا كامرئ القيس فلم تأت بذكره

الركبان ونام في غفلة من سهو الزمان، فمات غريبا وحيدا.وما تركه لم يلق ممن

عرفه ولا من ذويه  كامل العناية وحسن التوثيق ،رحمه الله وادخله فسيح جنانه.

حرر بولعلام  في 24/اكتوبر 2019

سعيد الخضار

المراجع : كتاب المعسول للمختار السوسي

مارون عبو د مجددون ومجترون

وثائق خاصة

قاموس المعاني

1= حملة الجنرال لاموط على أيت باعمران

7= العنكول ما يتدلى من النخلة او العنب

2= الصوان حجر شديد يقدح به

8= الملاغم ما حول الفم

3= نسبة لابن خميس التلمساني

9= القلب

4= الزبرقان البدروالدياجر الظلمات

10= البشير مخاطبه

5= حاجر مكان عند العرب في غزلهم

12= الماء القليل في حوض

6= السعدان نبات تستلد الابل

13= الليت العنق والكعاب الناهد من الابكار

7= العناقص الدواب

14= الغصن الناعم اللين

15= الطلى: الخمر

16= هو الشاعر لبيد

18= مكيال للعرب

19= السموم الريح الحارة  اليحموم الدخان

20= كون الطلبة يخدمون اساتذتهم

21= الصكة شدة الهاجرة وعمي رجل

22= العين الثانية الذهب ثم عين الشمس وعين الماء وروح العين :الذات

ماطلا = مماطلا

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة