
لم يكن يتوقع أحد بمن فيهم الفنان الراحل عبد القادر اعبابو أن يمتد شعاع سخريته السوداء إلى الحياة بعد موت..فالذي كشف عنه الاستاذ حسن نجمي أمس عبر صفحته مثير لسخرية أليمة بل ومخجلة.
قبل شهور (6يناير2020) ،وفي عز الازمة الصحية للفنان اعبابو رحمه الله ،بعث النائب البرلماني الحسين ازوكاغ -الذي أعتز بمعرفتي به- برسالة إلى وزارة الصحة لأجل مد يد المساعدة في تطبيب الفنان..
يفترض أن النائب البرلماني قد سلك اقصر الطرق للوصول إلى الادارة المعنية معتمدا على إمكانية المؤسسة التشريعية التي ينتمي إليها، و التي يفترض ايضا أن تولي الوزارة (أي وزارة) اهتماما بالغا و سريعا للرد عليها..
وحصل أن بقيت المراسلة هناك ،في رف أو على مكتب أو في انتظار تأشير او في انتظار اهتمام إلى أن فات الأوان!
توفي الرجل يوم 20 يناير للأسف ، و سارت بخبر وفاته و ألم الوطن و الفن المسرحي عليه ركبان الاخبار و ألسن الصحافة .. لكن ،على مايبدو، أن الخبر لم يصل إلى الرف الذي على المكتب و لا إلى الذي سيؤشر على الرد و لا إلى المفروض فيه الاهتمام بالمراسلة!
وكانت الفضيحة!
يظهر الجواب على المراسلة (يوم 27ابريل 2020)بعد أن هلك الهالك ،وفيها طلب بمزيد من التوضيح حول الادوية و العلاجات و أنواعها ومدة العلاج وغيرها من معلومات تملأ اي استمارة بيروقراطية في البلد!
إن هذه “الفضيحة” في نظري ،و برغم انها بينت ان الادارة المعنية لم تكلف نفسها ببحث صغير و إن على محرك بحث لدرء جهلها بالرجل و مآله ،تلخص ملاحظتين مهمتين في هذا الزمن المغربي :
– لا تزال دواليب اداراتنا على حالها و بيروقراطيتها التي تضيع كثيرا من الزمن الذي يحتاجه المواطنون و الذي تخسره البلاد..
– هناك نوع من اللامبالاة تجاه مراسلات مؤسسة منتخبة لها أهميتها ومكانتها الدستورية و التي لا يليق و لا يحق أن تلقى هذا الاهمال في التواصل معها باستعجال.
رحم الله عبد القادر اعبابو، فلربما كانت هذه الواقعة مسرحيته الأخيرة و الدائمة التي لم يخطط لها و لم يتوقع أنه سيمنحنا إياها للتأمل في بعض مشاهد حياتنا المغربية اللامعقولة!!
محمد المراكشي،
مع التحية.