
بقلم عبدالله زوكني
لقد حرص ديننا الحنيف على تقوية صلة الرحم وتوطيدها بين الأخوة الإيمانية وكذا الإنسانية ،لما في ذلك من أثر في تقوية الأسر التي هي عماد المجتمع وعموده.
إذ كانت هذه الأخيرة – صلة الرحم – ولا تزال وستبقى بإذن الله من أهم الاعمال الصالحة التي يتقرب بها العباد لينالوا بها رضا ربهم ورحمته.
ففي السنة النبوية يعرض لنا خير البرية ثمرة هذه الصلة، قال صلى الله عليه وسلم ( مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ )،فهي مجلبة للفضل ، مدعاة للبركة وبسط الرزق ودفع الفقر والضيق..، مغفرة للذنب ولو كان عظيما حيث أن الرسول صلى الله عليه وسلم أرشد رجلا بعد ان أصاب ذنبا عظيما بصلة الرحم تكفيرا لخطيئته، وأكرم بها من نعمةٍ إذ أن للمؤمن فيها ذكر حسن ثانٍ بعد موته، وما الذكر للإنسان إلا عمر ثان .
ولتدرك أيها المؤمن مدارج الاحسان لا يكفي في صلة الرحم أن تكون بالواصل المكافئ فقط، بقدر ما ينبغي أن تصل من قطعك ففي الحديث الشريف قال صلى الله عليه وسلم:( (لَيْسَ الوَاصِلُ بِالمُكَافِئ، وَلكِنَّ الوَاصِلَ الَّذِي إِذَا قَطَعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا).وعليه، فالواصل الحقيقي الذي يبتغي المراتب العظمى عند الله هو من هَجَرَهُ رحمه وتركوه وقاطعوه وهو يصلهم ،ومن أبَر البِر أيضا أن يصل العبد أهل وُد أبيه كما كان يفعل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.
فكيف أصل رحمي في ظل الحَجر الصحي؟
ممالا ريب فيه أن صلة الرحم لا تكون إلا بمعاهدة الأهل و الأقارب، وزيارتهم وتفقد أحوالهم وإكرامهم.. وهذا ما لا يتأتى في الحجر الصحي ، فقد ابتليت الأمة بوباءٍ لا قبلهم به نسأل الله أن يرفعه عن الإنسانية جمعاء، ألزمهم القعود والرباط في منازلهم حماية لأنفسهم وغيرهم.
وليدرك المؤمن هذه المعاني في ظل هذه الظروف العصيبة ما عليه إلا أن يسعى الى ذلك بكل الوسائل المشروعة ، فالأصل في الأمور الإباحة حتى يرد ضابط يقيدها. أضف الى ذلك أن الحكمة ضالته فأي أمر قد يساعده لتحقيق مراده فهو أحق به، ومما هو متناول في زمننا وداخل الحجر الصحي بعد تجديد النية تلك الوسائل الرقمية التي سهلت التواصل بشقيه الفردي والجماعي والتفاعل مع الآخرين بشكل أسرع ،فقد أتاحت هذه الأخيرة فرصا فريدة لالتقاء الأحباب وإدخال البهجة والسرور بالكلام المأثور ،ففي الهاتف امتداد لجسر المحبة والود ،وفي وسائل التواصل الاجتماعي فرصة لالتقاء الأحبة صوتا وصورة ،وفي الرسائل القصيرة تبادل للمشاعر والأحاسيس.. فإذا كان هذا نصيب الأحياء فللأموات حظ وافرمنها ، إذ لا تحبس الصلة برازخ الموت ،ولا يكون إلا بتحفيز الأسر على الختمات القرآنية الموزعة بين الأصدقاء والأقارب ،وتقاسم البرامج التربوية وكذا الدراسية استثمارا للوقت.