سيدي إفني بين الثقافة وسؤال التنمية

9 أغسطس 2019
سيدي إفني بين الثقافة وسؤال التنمية
سيدي إفني بين الثقافة وسؤال التنمية

IMG-20190809-WA0056عرف إقليم سيدي إفني في الأونة الأخيرة حركية ثقافية وتنموية غير مسبوقة بحكم تنظيم عدد من لأنشطة الثقافية والمجالية المتنوعة ساهمت بشكل واضح في حلحلة الفعل التنموي بالإقليم وبحكم أن طبيعة هذه الأنشطة مرتبطة أساسا بالفعل الثقافي سنحاول في هذه السطور إيصال بعض من العلاقات الوطيدة التي تربط الثقافة بالفعل لتنموي خلافا لما يعتقده البعض حيت يختصر التنمية الثقافية في بعدها الفلكوري أو الميوعة و غيرها من الأوصاف لتي يوهمنها بها أصحاب العقول المتحجرة و المحدودة الافق , هادفا أن يكون لهذا المقال أثر لدعم العمل الثقافي الهادف بالإقليم و تشجيع الشباب على الممارسة الفنية و الإنتاج الثقافي ليساهم في الرفع من وثيرة التنمية عبر الممارسة الثقافية المتعددة بمختلف مناطق لإقليم و المستمرة على طول السنة .

إن اختصار الثقافة في دورها الترفيهي هو تبخيس وتقصير للفهم حيت تأكد عدد كبير من الدراسات السوسيوإقتصادية أن الثقافة أسا كل إقلاع اقتصادي وتنموي بدونها تبقى الشعوب تحت وطأة التخلف والتأخر، وسنستحضر هنا مقررات منظمة الأمم المتحدة لتربية والعلم والثقافة حيت أثبت أن فشل بعض المشاريع التنموية مرتبط بغياب الفعل الثقافي وأن التطور لا يترادف مع النمو الاقتصادي وحده، بل هو وسيلة لصنع حياة فكرية ومعنوية وروحية أكثر اكتمالاً. ولا يمكن بالتالي فصل التنمية عن الثقافة. كما تدعو إلى تعزيز مساهمة الثقافة في التنمية المستدامة وقد سبق أن قامت بإطلاق هدفاً في إطار العقد العالمي للتنمية الثقافية وبفضله تحقق نمو ملحوظ بفضل مجموعة من الصكوك الخاصة بوضع المعايير ومن الأدوات الإيضاحية كالإحصاءات الثقافية والجردات ورسم خرائط الموارد الثقافية على المستويَين الإقليمي والوطني.
هذا جزء من المرجعية المعتمدة من طرف المنظمة السابقة الذكر والتي تدعو بشكل صريح إلى دعم قطاع السياسات الثقافية والإبداعية و قد كانت هذه المرجعية وراء التطورات التي عرفها الثقافة والتنمية ، حيث أصبح ربط التنمية مثلا بالأرقام والبنيات التحتية وربط الثقافة بالترفيه أمور أضحت من الماضي وتجاوزتها كل مخططات التنمية بالعالم وقد وصارت علاقتهما في عصرنا في ارتباط وثيق بل لا يمكن أبدا فصل أحدهما عن الأخر , ان تطور مصطلحات التنمية دليل على هذا الارتباط حيث صارت لها أسماء ومرادفات جديدة ك «التنمية المستدامة ” و “التنمية المجالية و” التنمية المندمجة” و”التنمية البشرية ” و” التنمية الثقافية” و قد كان سبب هذه التطورات هو تركيز التنمية ليصبح محورها هو الإنسان .
واليوم وعبر ربوع العالم أصبحت الثقافة قطاعا أساسيا ومهما للاستثمار وتحقيق النمو الاقتصادي والاجتماعي، ونماذج كثير لدول تعتمد اقتصاداتها على الثقافة بجميع فروعها، و توظيف التراث و الفن و الثقافة في جلب العملة الصعب و الرفع من عدد السياح و تحقيق فرص الشغل و نشر المعرفة و العلم و قيم التسامح و الانفتاح و غيرها , حيث تلعب دورا أساسيا في ترسيخ القيم و التربية على السلوك و في تشجيع التخيل و الدفع بروح الإبداع و الابتكار الذي يعتبره علماء النفس أساس تطور الأفراد عن طريق تطوير قدراتهم المهنية و المعرفية و الإنتاجية باعتبار الفرد أساس المجتمع وتنمية قدراته هو تنمية للمجتمعات ككل وفي ضل غياب روح الإبداع والابتكار يبقى المجتمع حبيس الاستهلاك والتقليد مما يسهل بروز قيم جديدة غريبة عن مجتمعنا و تأثر سلبا على روحنا الجماعية ونضرتنا للمستقبل وهنا لابد من الإشارة إلى ما أكده البك الدولي حيث أرجع أسباب الفقر والتدهور الاقتصادي إلى إحساس الناس بأنه لا صوت لهم ولا دور لهم داخل مجتمعاتهم، وهذا الإحساس طبعا لا ينمو داخل النفوس إلا بموت تلك الطاقة المتجددة التي تدعو الإنسان إلى التجديد والإبداع .
يتوفر إقليم سيدي إفني و عاصمته سانتاكروز على مناخ ثقافي وبيئي و طبيعي وتاريخي متميز يجعله من الأقاليم المغربية الغنية بتنوع ووفرة موارده الطبيعية والثقافية و المجالية و ستساهم بلا شك في تسريع وتيرة التنمية الاجتماعية والاقتصادية التي مازالت تعرقلها العديد من الأمور و أهما غياب الإرادة و الابتكار، و سيادة عقلية سلبية لذى نسبة من الشباب الذي من الممكن أن يكون قائدا و فاعلا أساسيا في تنمية الإقليم و تطوير مقوماتها الاقتصادية المتجلية أساسا في قطاع السياحة و الصيد البحري و المنتجات المجالية و كلها كجلات لا تلزم وجود راس مال كبير للاستثمار بقدر ما تحتاج إلى أفكار و عزيمة وتجديد أنماط الخدمات و تجويدها .
التنمية الثقافية بمدينة سيدي إفني نحتاج أكثر من أي وقت مضى وتذكرت هنا مداخلة أحد الدكاترة المختصين الذين شارك بندوة في إطار مهرجان اكناري بعمالة الإقليم حول منتوجات الصبار حيث أكد ان هذه النبتة ستمكن الساكنة من إنتاج أكثر من تسع مواد تجارية يمكن استثمارها على طول السنة عكس الاستغلال التقليدي والموسمي للفاكهة حيث يقتصر استغلال هذا المنتوج في تصديره للأسواق الوطنية والمحلية كمادة للأكل في حين يمكن تصنيع عدد مهم من مواد التغذية والتجميل والصحة وستكون موردا أساسيا للساكنة بشكل منتظم.
شرط ربط الثقافة بالتنمية إذن بسيدي إفني ليس خيارا بل أضحى ركنا أساسيا للإقلاع التنموي الشامل وهو البوابة الأساسية لجعل المدينة والإقليم وجهة أساسية للسياح عن طريق التعريف بمؤهلاته الطبيعية التي تزخر بها على طول ساحلها البحري المتميز وشواطئها العالمية والمنفردة بتضاريسها الحمراء وأمواجها العالية وجودة مياهها ومناخها المعتدل وقد سبق اختارت صحيفة هافينغتون بوسط” بالولايات المتحدة الأمريكية شاطئ “لكزيرة” ضمن أفضل 40 شاطئا في العالم، و احتل الرتبة الـ29 في تنصيف اعتمد فيه على جمال البحر والمناظر, و هي من الخيارات التي جعلت من هذا الشاطئ كأفضل الوجهات السياحية بالمغرب و بفضله تخلق حركة سياحية مهمة على طول السنة و لكنها غير كافية بالمقارنة مع الإمكانيات الهائلة المتوفرة كالبنية العمرانية ذات الطابع الإسباني / المغربي التي تميز المدينة وتمنحها هوية أصيلة وفريدة تستطيع بواسطتها جذب العديد من الزوار من مختلف بقاع العالم.
فنحن اليوم في حاجة ماسة لبلورة رؤية دعائية و تجديد أساليب الترويج و التسويق و التي لا يمكنها أن تستقيم دون مساندة و دعم المبادرات الثقافية التي تسير في هذا الاتجاه و تشجيع الإبداع المسرحي و التشكيل و الفرق الموسيقية و التراثية و المشاركة في مختلف التظاهرات الوطنية و العالمية لتمثيل الإقليم و دعم البنيات و المنشاة الثقافية واستقطاب شركات التصوير و توفير أجواء مناسبة للإقامات الفنية الوطنية و الدولية و دعوة رواد اليوتوب و المواقع الاجتماعية لزيارة المدينة حيث يشكلون اليوم اهم وسائل الداعية و التسويق في العالم و كل هذا و نحن نطمح أن نجعل من المدينة فضاء وطنيا للإنتاج الثقافي و الفني و السينمائي .

يوبا أبركا
فاعل ثقافي
مدير المهرجان الدولي للسينما والبحر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة