نون بوست علي الكوري
عقد المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للصحافة المغربية، مساء الجمعة 26 شتنبر 2025، اجتماعا هاما بمقرها المركزي بالرباط، حضره 14 عضوا مع تسجيل اعتذار ثلاثة أعضاء لأسباب مهنية مبررة، مقابل أربع غيابات بدون عذر. وشكل هذا اللقاء مناسبة للتداول حول عدد من الملفات التنظيمية والمهنية التي تستأثر باهتمام الأسرة الإعلامية.
في مستهل أشغاله، خصص المكتب التنفيذي حيزا واسعا لمناقشة مسار مشروع قانون إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة، الذي تمت المصادقة عليه بمجلس النواب وأحيل على مجلس المستشارين. وتم التأكيد بالإجماع على أن موقف النقابة من المشروع يستند إلى أسس مبدئية رافضة للطريقة التي تم بها تمريره وللتراجعات الخطيرة التي تضمنها.
وأكد المكتب أن الصيغة الحالية للقانون تجاهلت مقترحات النقابة وأقصت المقاربة التشاركية التي ينص عليها الدستور، كما حملت مضامين تمس الشفافية والديمقراطية والاستقلالية، مما يشكل تراجعا عن جوهر التنظيم الذاتي للمهنة.
وفي السياق ذاته، استعرض المكتب التنفيذي حصيلة الجهود الترافعية والتعبوية التي قامت بها النقابة عبر لقاءات مع قيادات سياسية وبرلمانية ونقابية، بهدف التصدي لهذا المشروع والدفع نحو سحبه أو تأجيل مناقشته إلى حين فتح حوار شامل.
كما نوه المكتب بالمواقف المعلنة من طرف رئيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية، معتبرا أنها تعكس الخط الرسمي للنقابة، ومشددا على أن أي مواقف صادرة خارج هذا الإطار لا تلزمها.
وبخصوص مذكرة المجلس الوطني لحقوق الإنسان حول مشروع القانون، توقف المكتب التنفيذي عند مرجعيتها المستندة إلى الدستور والمواثيق الدولية، وإلى المبادئ الخمسة التي قدمها المجلس في تقريره: حرية التعبير، التعددية التمثيلية، الاستقلالية، الشفافية، والمساءلة، إضافة إلى 40 توصية دقيقة تعزز التنظيم الذاتي.
وأعرب المكتب التنفيذي عن أمله في أن يواكب المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي هذا التوجه الحقوقي والديمقراطي، من خلال إصدار تقرير مماثل يعزز المطالب الداعية إلى مراجعة المشروع.
من جهة أخرى، تناول الاجتماع ملف الدعم العمومي وارتباطه بالاتفاقية الجماعية الملزمة، حيث عبر المكتب عن رفضه للمرسوم والقرارات الوزارية الأخيرة التي رافقته، معتبرا أنها كرست الإقصاء والتهميش سواء على مستوى تغييب النقابة من المشاورات أو على مستوى غياب ضمانات حماية الصحافيين.
وسجلت النقابة أن هذه القرارات تميز بين الصحافيين في الأجور دون احترام معايير الحد الأدنى والأقدمية، كما تضع شروطا مالية مجحفة تهدد المقاولات الصحفية الصغرى والمتوسطة، رغم استفادة مختلف المؤسسات من دعم استثنائي منذ جائحة كورونا.
وبناء عليه، طالبت النقابة وزارة الشباب والثقافة والتواصل بتدارك هذه الاختلالات، والعمل على مراجعة الاتفاقية الجماعية والرفع من الأجور وضمان الحماية الاجتماعية والمهنية لعموم الصحافيين.
كما شددت على ضرورة التزام الوزارة بصرف الدعم الجزافي في آجاله القانونية، مع الوفاء بالالتزامات تجاه المقاولات الإعلامية الصغرى والمتوسطة أمام مؤسسة الضمان الاجتماعي.
وفي ظل التأخير المسجل في تفعيل الاتفاق الاجتماعي وتوقيع الاتفاقية الجماعية، قرر المكتب التنفيذي اللجوء إلى خطوات نضالية جديدة على مستوى المقاولات الإعلامية والوزارة الوصية، من أجل فرض الإسراع بتطبيق الاتفاق بأثر رجعي وضمان الزيادات المتفق عليها.
وفي جانب الحريات، عبر المكتب التنفيذي عن قلقه من متابعة صحافيين مهنيين بالقانون الجنائي بدل قانون الصحافة والنشر، مؤكدا رفضه لكل محاولات التضييق على التعددية الإعلامية، وداعيا إلى تحسين المناخ الحقوقي العام وضمان الحرية مع المسؤولية.
وعلى المستوى التنظيمي، اتخذ المكتب الترتيبات الأدبية واللوجيستية لعقد دورة المجلس الوطني الفيدرالي في نهاية أكتوبر المقبل، مع إقرار خطوات عملية لإنجاح هذا الموعد الهام في مسار النقابة.
كما خصص الاجتماع، الذي صادف اليوم العالمي لتكريم الصحفي الفلسطيني، حيزا لمناقشة تطورات القضية الفلسطينية، حيث عبر المكتب التنفيذي عن تضامنه المطلق مع الشعب الفلسطيني ومع الصحفيين الذين فقدوا 252 من زملائهم وزميلاتهم، وتعرض المئات منهم للإصابة أو الاعتقال أو النزوح القسري.
وأدان المكتب جرائم الاحتلال الإسرائيلي التي استهدفت الإنسان والأرض والذاكرة، مجددا التزام النقابة بالانخراط في كافة المبادرات التضامنية والدولية الرامية إلى توثيق هذه الانتهاكات ومحاسبة مرتكبيها أمام المحاكم الدولية